اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)

صعوبة التركيز، تدني مستوى الأداء الدراسي، التململ والحركة الشديدة، هل يعتبر كل هذا أمرًا متوقعًا وطبيعيًا خلال مرحلة الطفولة؟ هل يمكن أن تشير هذه الأعراض إلى اضطرابٍ ما عند البعض؟

ما هو اضطراب فرط الحركة و تشتت الانتباه؟

اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أو ما يعرف كذلك بنقص الانتباه وفرط النشاط (Attention-Deficit/Hyperactivity Disorder or ADHD)  هو أحد أكثر الاضطرابات  النفسية انتشارًا بين الأطفال، كما وقد يؤثر على العديد من البالغين. يشيع هذا الاضطراب بين الذكور أكثر من الإناث، وتتم ملاحظته غالبًا خلال سنوات الدراسة عندما  يقوم الطفل بأعمال شغب و تصرفات فوضوية، بالإضافة إلى مواجهة صعوبات في التعلم والأداء الضعيف في المدرسة.  

تتراوح أعراض الاضطراب ما بين عدم القدرة على التركيز، فرط الحركة والنشاط، والاندفاعية بالتصرفات كالقيام بأفعال متهورة دون تفكير. قد تعتبر هذه الأعراض أمرًا طبيعيًا عند الأطفال الأصحّاء في مرحلة ما، إلا أن شدّتها عند من يعاني منهم من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه تكون أكبر بشكل ملحوظ مقارنةً بما هو متوقع بالنسبة لأعمارهم. إضافةً إلى تسبب هذه الأعراض بالضيق والمشكلات في المدرسة أوالبيت أو مع الأصدقاء.

يصعّب هذا الاضطراب الحياة على الأطفال، حيث أنه قد يسبب الضعف الأكاديمي وجلد الذات وقلة الثقة بالنفس، والتعرض للأحكام والانتقادات من الآخرين مما يصعّب التفاعل الاجتماعي وتقبل الآخرين للطفل، كما و يتسبب بعلاقات مضطربة، إضافةً للتعرض للإصابات الجسدية.

لا يقوم العلاج بتحقيق التعافي الكامل من الاضطراب، ولكنه يساعد بشكل كبير في علاج الأعراض. تقل أعراض الاضطراب مع التقدم في العمر، ولكن قد لا يتخلص المصاب منها بشكل كلّي، ولكن مع ذلك يمكنه تعلم استراتيجيات تساعده على النجاح والتأقلم. كما ويجدر التنويه بأن التشخيص المبكر قادرٌ على إحداث فرقٍ كبيرٍ في تطور الحالة ونتائجها.  

ما هي أنواع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟

ينقسم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه إلى 3 أنواع فرعية اعتمادًا على ما تميل إليه غالبية الأعراض:

1. النوع المتشتت: تندرج هنا غالبية الأعراض تحت مظلة تشتت الانتباه

2. النوع المندفع مفرط النشاط: أغلب أعراض هذا النوع تكون اندفاعية و مفرطة الحركة 

3.النوع المشترك: تجتمع فيه الأعراض من النوعين السابقين    

ما هي أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟

يعتبر السلوك المندفع مع تشتت الانتباه المستمر من السمات الأساسية لأعراض هذا الاضطراب التي عادةً ما تبدأ في الظهور قبل سن 12 عامًا ويمكن ملاحظتها عند البعض في عمر مبكر (3 سنوات)، كما وقد تستمر خلال مرحلة البلوغ عند ثلث المصابين تقريبًا. تترواح شدة الأعراض من خفيفة و متوسطة إلى شديدة، كما وقد تختلف بين الذكور والإناث فقد يميل الذكور إلى فرط الحركة، بينما تميل الإناث إلى التشتت الهادئ.

تتمثل الأعراض بشكل مفصل في الآتي: 

فقدان الانتباه والتشتت

  • مواجهة صعوبة في استمرار التركيز في النشاطات أو المهام، وسهولة تشتت الانتباه
  • عدم القدرة على الانتباه للتفاصيل والقيام بأخطاء باستهتار في المهمات المدرسية أو العملية
  • مواجهة صعوبة في اتباع التعليمات و إتمام الواجبات المدرسية أو المنزلية بسبب صعوبة التركيز
  • عدم القدرة على تنظيم المهام الموكلة له والعمل بفوضى
  • عدم الاستماع إلى الحديث الموجه للمصاب شخصيًا وكأنه في مكان آخر
  • الاستياء من وجود مهام تتطلب نشاط ذهني كالواجبات المدرسية ومحاولة تجنبها
  • فقدان وتضييع المقتنيات الشخصية كالألعاب والقرطاسية، و نسيان القيام بالمهام المنزلية والمدرسية

فرط النشاط والسلوكيات الاندفاعية:

  • التململ و صعوبة البقاء ثابتًا في المقعد
  • استمرارية الحركة، والركض في الأرجاء والتسلّق والقفز في الأماكن غير المناسبة
  • مواجهة صعوبة في اللعب أو ممارسة نشاط معين بشكل هادئ 
  • التطفل واقتحام محادثات ونشاطات الآخرين
  • عدم التوقف عن التحدث، و مقاطعة الآخرين في محادثة ما لإكمال حديثهم عنهم، و إجابة الأسئلة قبل إتمامها 
  • مواجهة صعوبة في انتظار دوره

ما هي أسباب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟

بالرغم من أنه  ليس هنالك أسباب واضحة  بشكل كافي لحدوث هذا الاضطراب، إلا أن هنالك عوامل مهمة قد تساهم في حدوثه، ولكن ننوه إلى أن وجود أي من هذه العوامل لا يعني بالضرورة حتمية الإصابة  بالاضطراب. نذكر من هذه العوامل ما يلي:

  1. العوامل الوراثية والجينات.
  2. وجود قريب من الدرجة الأولى يعاني من فرط الحركة وتشتت الانتباه أو أي اضطراب نفسي آخر. 
  3. التعرض للسموم مثل الرصاص الموجود في الدهانات وأنابيب المباني القديمة.
  4. الولادة المبكرة.
  5. إصابات في الدماغ أو مشكلات خلال تطور الجهاز العصبي.
  6. تعاطي المخدرات أوالكحول أثناء فترة الحمل.
  7. التدخين أو التعرض لإجهاد نفسي شديد خلال فترة الحمل .

يجدر التنويه بأنه على الرغم من أن السكر هو المشتبه به المشهور في التسبب في فرط النشاط، إلا أنه لا يوجد دليل قاطع علمي على ذلك حتى الآن. 

كيف يتم تشخيص فرط الحركة وتشتت الانتباه ؟

لا يتم تشخيص طفل بهذا الاضطراب فقط لمجرد اختلافه عن أقرانه، حيث أن كل طفل يختلف في مستوى نشاطه وانتباهه عن الآخر بصورة طبيعية، وقد يواجه طفلٌ ما مشكلات في بيئة محددة ولا يواجه أية مشكلات في بيئة أخرى. مما يعني أنه ليس بالضرورة تشخيص كل طفل يعاني من بعض الأعراض بفرط الحركة وتشتت الانتباه. لذلك، يقوم متخصصو الرعاية الصحية مثل أطباء الأطفال والأطباء النفسيين في تشخيص الاضطراب بعد جمع معلومات من عدة مصادر، بما في ذلك المدارس ومقدمي الرعاية والأهالي، ليتم النظر في سلوكيات الطفل وتقييمها على مدار 6 شهور في بيئتين مختلفتين على الأقل، لاستبعاد أي أسباب صحية أو اجتماعية أو نفسية أخرى. كما وقد يشمل تقييم الحالة إجراء بعض الفحوصات كفحص السمع والبصر وفحص موجات الدماغ وغيرها من الفحوصات. يجدر التنويه بأن التشخيص باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يعتبر أمرًا صعبًا في الأعمار الصغيرة جدًا وكذلك عند البالغين.

كيف تتم الوقاية من فرط الحركة وتشتت الانتباه ؟

لا توجد طريقة مؤكدة للوقاية من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ومع ذلك ، فإن الحصول على العلاج في أسرع وقت ممكن قد يساعد في منع الاضطراب من التدهور وتعطيل الأنشطة والروتين اليومي.

ترتبط سلوكيات الأم خلال الحمل ومضاعفات الحمل بزيادة احتمالية حدوث الاضطراب، لذا تُنصح الأم بتجنب التدخين وتعاطي المخدرات والكحوليات خلال فترة حملها، وبالالتزام بالنظام الغذائي الصحي ومواعيد زيارة الطبيب، وتجنب التعرض للسموم كالرصاص أثناء الحمل. كما وينصح بحماية الطفل نفسه من التعرض للسموم والملوثات كالرصاص ودخان السجائر خلال فترة طفولته.

على الرغم من عدم وجود دليل ثابت على علاقة تعرض الأطفال للشاشات الالكترونية (التلفزيون، والألعاب، والأجهزة الالكترونية) باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، إلا أنه يفضل منع تعرض الطفل للشاشات بشكل مفرط خلال سنواته الخمس الأولى، أي أنه لا ينصح بتعرضهم للشاشات لمدة أطول من ساعة في اليوم الواحد.

من جهة أخرى، من الممكن تشجيع الأهالي على محاولة قطع بعض الأطعمة من نظام أطفالهم الغذائي إذا شعروا أن هذه الأطعمة تؤثر على سلوك أطفالهم بشكل سلبي، ولكن ينصح باستبعاد طعام واحد في كل مرة لتتحقق والتيّقن بأن هذا الطعام هو فعلًا المسؤول عن السلوك السلبي.

كيف يتم علاج فرط الحركة وتشتت الانتباه ؟

تشمل خيارات العلاج المتاحة لعلاج هذا الاضطراب: الأدوية والعلاج السلوكي وخدمات الاستشارات والتعليم، وجهازًا الكترونيًا صغيرًا تمت الموافقة عليه حديثًا من قبل المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأمريكية. قد يحتاج الطبيب لبعض الوقت ليكون قادرًا على تحديد العلاج الأنسب والأفضل لحالة الطفل. يعتمد اختيار العلاج على طبيعة الحالة و المرحلة العمرية، فالأطفال دون الستة أعوام يتلقون العلاج السلوكي المعرفي في البداية قبل البدء بالعلاج الدوائي، أما من هم أكبر عمرًا من ذلك فيحصلون على العلاج السلوكي والدوائي معًا.

1-العلاج السلوكي المعرفي:

 هو نوع من العلاج النفسي الذي يتضمن عدة جلسات وتدريبات للطفل وأهله، ل تعزيز السلوكيات الإيجابية و التقليل من السلوكيات غير المرغوبة. 

2- العلاج الدوائي: 

يتم وصف العلاج الدوائي من قبل الطبيب حسب ما يراه مناسبًا للحالة. تنقسم الأدوية إلى أدوية منشطة محفزة تأثيرها سريع، وأدوية أخرى غير منشطة. يختلف تأثير هذه الأدوية من ناحية الفعالية والمأمونية من طفل لآخر،وقد تسبب بعض الأعراض الجانبية مثل انخفاض الشهية أو صعوبة النوم. قد يستجيب أحد الأطفال جيدًا لدواء ما، ولكن هذا لا يعني حتمية استجابة الطفل الآخر لنفس هذا الدواء.

كيف يكون التأقلم مع فرط الحركة وتشتت الانتباه ؟

نذكر هنا بعض النصائح التي يمكن للأهل الالتزام بها للتأقلم بشكل صحيح مع أطفالهم المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه:

  1. عمل جدول يومي للمهام والنشاطات المتوقعة خلال اليوم في أوقات محددة (بما في ذلك مواعيد النوم والوجبات)، والتقيد به، وتوضيح أي تغييرات قد تطرأ عليه للطفل مسبقًا.
  2. تخصيص مساحة بعيدة عن الإلهاءات لعمل الواجبات المدرسية.
  3. أخذ فترات قصيرة من الراحة أثناء القيام بالواجب المنزلي في حالة مواجهة صعوبة في التركيز.
  4. تخصيص وقت مميز في اليوم ليختار الطفل فيه نشاطًا يحبه ليشاركه ويستمتع به مع أبويه.
  5. ملاحظة السلوكيات الجيدة للطفل 5 مرات على الأقل يوميًا ومدحه ومكافأته عليها.
  6. وضع توقعات معقولة من الطفل وتوضيح القواعد و السلوكيات التي تستحق الثناء والمكافأة للطفل و ما يتوقعه الأهل منه.
  7. الاستمرار في تغيير نظام المكافآت لمنع ملل الأطفال.
  8. إظهار العواطف للأطفال لتهدئتهم ومساعدتهم على التركيز.
  9. لعب الألعاب التعليمية وقراءة القصص للأطفال لتشجيعهم  وتدريبهم على التركيز.
  10. الاهتمام بمواهب الطفل واهتماماته الخاصة حيث أن النجاحات الصغيرة المتكررة قادرة على رفع ثقة الطفل بنفسه.
  11. التحدث ببطء وهدوء ووضوح وبشكل محدد مع الطفل عند إعطائه التعليمات، مع مراعاة إعطاء توجيه واحد في كل مرة ومع الحرص على التواصل بالعيون قبل وخلال إعطاء التوجيهات.
  12. تجنب المواقف التي يستصعب الطفل تحملها، ربما كالتسوق أو حضور المحاضرات الطويلة.
  13. التركيز على السلوكيات الصحية كممارسة الرياضة واليوغا بانتظام والالتزام بالنظام الغذائي الصحي، وتجنب الشعور بالإرهاق المفرط لما لذلك من تأثير سلبي على أعراض الاضطراب.
  14. الحفاظ على هدوء الأعصاب والتصرف كنموذج يحتذى به أمام الأطفال.
  15. تشجيع الطفل على التنظيم والترتيب في شؤون حياته.
  16. تقليل الخيارات المتاحة أمام الطفل في لباسه وطعامه وألعابه، حتى لا يتشتت ويشعر بالإرهاق أو التحفيز المفرط، وليكون تحديد الاختيار الأنسب له أمرًا أسهل عليه.
  17. تقسيم المهام المعقدة إلى خطوات أبسط وأقصر.
  18. من الممكن استخدام المُهلات (Timeouts) لتشجيع الانضباط ومقاطعة السلوك الخارج عن السيطرة وإعطاء الطفل المهلة الكافية لاستعادة السيطرة.
  19. الإشراف الصحيح على العلاج الدوائي للتحقق من أن الطفل أو المراهق يتناول الدواء بالجرعة الصحيحة لمنع حدوث المضاعفات الصحية أو سوء استخدام الأدوية.
  20. عدم إرسال الدواء الموصوف للمدرسة مع الطفل نفسه، ولكن يجب إعطائه للفريق الطبي الخاص بالمدرسة.
  21. الالتزام بمواعيد زيارة الطبيب بانتظام للتأكد من فعالية ومأمونية العلاج وكيفية تطور الحالة.

*** تمت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى

المراجع:

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *