يعاني الأفراد المصابين باضطراب قلق المرض (Health Anxiety) من هوس وقلق شديد حول الإصابة بمرض ما حيث يتسبب بشعورهم بالخوف والهوس والانشغال باحتمال الإصابة بمرض خطير.
إذا اعتقد شخص ما بأنه مصاب بمرض مثل السرطان أو ورم في الدماغ مثلاً، فإن أي شعور جسدي اعتيادي أو طبيعي يُفسَّر على أنه أحد أعراض هذا المرض وعندها يعمل الشخص على تأكيد أنه “لا بدّ” من أن يكون مصاباً بمرض خطير وأن حالته حرجة مما يجعله يتحقق من كافة الأعراض الأخرى ويحاول اكتشاف المزيد عن هذا المرض ويركز كامل انتباهه على جسده وما يشعر به ويفحص نفسه باستمرار بحثاً عن المزيد من الأعراض.
يساهم دليل المساعدة الذاتية في التعامل مع اضطراب قلق المرض (Health Anxiety) باستخدام استراتيجيات العلاج المعرفي السلوكي (CBT) الفعّالة. يتضمن ذلك فهم المشكلة ثم تعلم كيفية إجراء تغييرات إيجابية بهذا الخصوص.
يُركز العلاج السلوكي المعرفي (CBT) على تحدي ومحاربة هذه الأفكار والمعتقدات غير المفيدة ومحاولة التغيير التدريجي للسلوكيات (الفحص، السعي وراء الطمأنينة، التجنب، إلخ). وعليه، يكتشف الشخص أن القلق بشأن صحته جعله يختبر المشاعر الحالية وليس إصابته فعلياً بمرضٍ ما.
الحلقة المفرغة التي يتسبب بها اضطراب قلق المرض
المساعدة الذاتية للتعامل مع اضطراب قلق المرض (Health Anxiety)
أولاً، لكسر الحلقة المفرغة المتعلق بقلق المرض، تحتاج إلى التعامل مع كل “مسننة” في آلة قلق المرض (كما يظهر في الشكل أدناه) وذلك من خلال تغيير طريقة تفكيرك وتصرفك.
ثانياً، يمكنك الاستعانة بورقة العمل المرفقة أدناه حول الحلقة المفرغة وبدائلها وقراءة المزيد من المعلومات حول القلق وتأثير الأدرينالين (Adrenaline) على الإنسان.
يمثل الأدرينالين نظام إنذار الجسم حيث أنه رد فعل طبيعي، إلا أن الإنسان يميل إلى إساءة تفسير أحاسيس الجسم الطبيعية كتأكيد على وجود أمر غير طبيعي وخاطئ على نحو خطير.
التفكير بطريقة مختلفة: تركيز الانتباه
عند التركيز على جزء معين من جسمك لفترة ما ستبدأ في ملاحظة أحاسيس مختلفة. حاول الآن التفكير في جزء معين من قدمك مثلاً أو حلقك (ابتلع ريقك) ثم ركّز بشكل كبير على ملاحظة أي مشاعر هناك. ماذا تلاحظ؟ قد تلاحظ أحاسيس جسدية لم تلاحظها من قبل. هذا ما يحدث فعلياً عند التركيز على قلق المرض، فكلما فكرت أكثر في جزء من جسمك، كلما زادت ملاحظتك لأحاسيس معينة وبالتالي إثارة أفكار مقلقة بشأن صحتك.
يمكنك اكتساب مهارات تُساعدك على ملاحظة مراكز الانتباه وكيفية التحكم فيه من خلال تمارين الانتباه أو باستخدام مهارات اليقظة الذهنية (Mindfulness Skills). يمكنك تطبيق تمرين التنفس واليقظة الذهنية البسيط والفعّال مرتين يوميًا على الأقل.
النشاط الواعي واليقظة الذهنية
يمكنك تحديد وقت معين لممارسة نشاط اعتيادي والتركيز عليه بشكل كامل لمدة 3 دقائق مرتين يوميًا كبداية ثم زيادة ذلك تدريجيًا. مثال: عند غسيل الأطباق، يمكنك التدّرب على استخدام كافة حواسك لتحويل التركيز والانتباه:
- درجة حرارة الماء وكيف تشعر به على بشرتك
- ملمس الفقاعات
- صوت الفقاعات واختفائها بهدوء
- صوت الماء وحركة الأواني
- نعومة الأواني
- قوام الإسفنج
- رائحة سائل الغسيل وما إلى ذلك.
كلما تدّربت على ذلك أكثر، ستلاحظ في البداية أن تلك الأفكار ما زالت تتطفل عليك ولكن لا بأس بذلك. يتمثل الهدف الوحيد لنشاط اليقظة الذهنية في إعادة تركيز انتباهنا باستمرار إلى النشاط الذي نقوم به وملاحظة تلك الأحاسيس من الخارج والداخل.
التفكير بطريقة مختلفة: الأفكار التلقائية
إن الأفكار ليست حقائق بل مجرد أفكار وليس عليك تصديق كل ما تفكر فيه! لا تكمن المشكلة فعلياً بالإصابة بمرض خطير بل بالاعتقاد/التفكير بالإصابة بمرض خطير والأمرين مختلفين تماماً. وعليه، إذا لم تكن تعاني من مرض خطير ولكنك تعتقد أنك تعاني من مرض ما، فإن القلق والتفكير المستمر بشأن صحتك لن يكون مفيدًا على الإطلاق بل سيؤدي إلى آثار سلبية. إن الاعتقاد بالإصابة بمرض ما دون الإصابة به حقيقةً يؤدي إلى شعور أكثر بالمرض والتعب.
هل تعلم على وجه اليقين أنك مصاب بهذا المرض الخطير؟
هل تريد أن تقضي بقية حياتك في القلق بشأن الإصابة بالمرض، أم تريد أن تمضي قدماً في حياتك؟
يمكنك البحث عن أدلة أو حقائق تُثبت أنك لا تعاني من مرض خطير وعند ظهور الأفكار حول المرض عليك أن تكون مستعدًا لها بشكل أفضل وتتحداها وتحاربها. كلما تحديت الفكرة، كلما أصبحت الأفكار أضعف وأقل قوة.
سيساعدك في ذلك الآتي : تحدي الأفكار المقلقة والأفكار التلقائية والتمييز بين الحقيقة أو الرأي وتسجيل الأفكار وتأجيل القلق أو تحديد وقت خالي من القلق.
قد تلاحظ انخفاضاً فورياً في مستوى القلق، وقد يستغرق الأمر أحيانًا بضعة أسابيع قبل أن تبدأ في ملاحظة الفرق. لا تنسى أنك كنت تفكر بهذه الطريقة لفترة طويلة، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت لتغيير عادة استمرت لفترة طويلة. فلا تتراجع وحاول الالتزام بالتعامل مع الاضطراب.
القيام بالأمور بطريقة مختلفة
الفحص – عند الشعور بالقلق على صحتك، ستبدأ في تركيز انتباهك على ذلك الجزء من جسدك وستتحقق منه باستمرار من خلال النظر أو اللمس أو التفكير فيه. ستفعل ذلك مراتٍ عديدة مما سيزيد تفكيرك بالأمر وسيُعزز الأفكار المقلقة وبالتالي يُحفز القلق الأدرينالين مما يزيد الشعور بالسوء. لذا، تحتاج إلى تقليل سلوك الفحص من خلال تحديد ذلك كهدف على مدى عدة أيام. ابدأ بكتابة عدد المرات التي تتفحص فيها جسمك كل يوم وقلل من عدد المرات يومياً ثم ستبدأ ملاحظة أن قلقك يقلّ تدريجياً. يمكنك السماح لنفسك بالتحقق مرة واحدة فقط في اليوم ثم ستخبر نفسك أنك قد تحققت بالفعل ولست بحاجة إلى التحقق مرة أخرى (لأنه على الأغلب لم يتغير شيء في جسدك خلال تلك الفترة القصيرة).
البحث عن المعلومات – يمكنك استخدام نفس طريقة تقليل عدد مرات الفحص المذكورة أعلاه للتعامل مع سلوك البحث عن المعلومات (في الإنترنت والكتب وما إلى ذلك) حول المشكلة الصحية أو المرض. إن بحثك عن المزيد من المعلومات، سيزيد من شعورك بالقلق والخوف، لذا تحتاج إلى تقليله بنفس الطريقة التي تستخدمها للحد من سلوك الفحص المستمر للجسد.
التجنب – يتجنب بعض الأشخاص مواقف معينة قد تُشعرهم بالقلق على صحتهم مما يؤثر بشكل كبير على حياتهم اليومية، فقد يتجنبون بعض البرامج التليفزيونية أو الذهاب إلى المستشفيات أو المحادثات حول الصحة وما إلى ذلك. حاول وضع خطة لمواجهة مخاوفك والتغلب على سلوك التجنب.
السعي وراء الطمأنينة – قد تطلب مرارًا وتكرارًا من عائلتك وأصدقائك طمأنتك أو قد تزور طبيبك كثيراً ليقول لك “كل شيء على ما يرام – لا يوجد شيء خاطئ في صحتك”. يبدو هذا مفيدًا ولكن لفترة قصيرة ثم تعود الأفكار المقلقة مرة أخرى وتبدأ من جديد. لذا فإن السعي وراء طلب الطمأنة يتسبب في استمرار القلق على المدى الطويل. حاول العمل على تقليل زيارة الطبيب أو مطالبة الآخرين بطمأنتك. إذا كنت تسأل شريكك عادةً 30 مرة في اليوم، فاحرص على تقليل عدد المرات قدر الإمكان خلال فترة أيام. يمكنك كتابة عدد المرات التي تطلب فيها الطمأنة لأن ذلك يساعدك على ملاحظة الأمر والتفكير مرتين قبل القيام بذلك ويُمكنك أيضًا من ملاحظة نجاحك في تقليل السعي بمرور الوقت. بما أن طبيبك أجرى الفحوصات وأخبرك بأنه ليس لديك مرض معين، عليك تقبّل ذلك لأنه ما من طريقة تضمن عدم إصابتك أبداً بهذا المرض أو أي مرض خطير آخر.
تجدر الإشارة إلى إن احتمالية الإصابة بالمرض قد تكون أقل بكثير مما تتخيل، كما أنه قد يمكنك القيام بأمور معينة من شأنها تقليل خطر الإصابة. لذا يمكنك أن تطرح سؤالًا على الطبيب: هل هناك أي شيء يمكنني القيام به ليساعدني على الشعور بصحة أفضل؟ (مثال: الإقلاع عن التدخين/ تغيير النظام الغذائي/ ممارسة الرياضة أكثر). إذا كان هناك أمور من هذا القبيل، افعلها! بالطبع ما زال هناك أوقات يجب عليك فيها زيارة طبيبك حيث يمكنك مناقشة هذا الأمر مع طبيبك والاتفاق على الوقت المناسب. بشكل عام، ينصح بمراجعة الطبيب إذا استمرت الأعراض لأكثر من أسبوع أو أسبوعين بعد تناول الأدوية التي تستخدم دون وصفة. مع ذلك، في حال ارتفاع درجة الحرارة أو الشعور بالألم الجسدي أو سوء الحالة الصحية الجسدية، يجب عليك طلب الرعاية الطبية.
استخدام مهارات “التوّقف” لدمج هذه الاستراتيجيات معًا
توّقف! – توقف وانتظر للحظة.
تنفسّ! – خذ نفسًا عميقًا بطيئًا.
لاحظ! – لقد ظهر اضطراب قلق المرض مرة أخرى. إن جسدك وعقلك يتفاعلون مع هذه الأحاسيس الجسدية لذا أنت تشعر بالقلق. لاحظ التركيز المفرط ((Super Scanner.
تراجع! – لستَ مريضاً، هذا مجرد قلق من المرض – إن أفكارك تتفاعل مع التركيز المفرط. لا تصدق كل ما تفكّر به، بل تمسّك بالحقائق فقط – هذه الأفكار مجرد آراء ولستَ مضطرًا للاستجابة الآن. هناك تفسيرات أخرى لهذه الأحاسيس الجسدية الطبيعية. ما هي الصورة الأكبر؟
تدّرب/ امضي قدماً! – فكّر بماذا يمكننك أن تفعل الآن؟ لستَ بحاجة إلى التحقق أو طلب الطمأنينة. يمكنك استخدام هذه الاستراتيجيات:
- ورقة عمل تسجيل الأفكار: اضطراب قلق المرض.
- تأجيل القلق أو تحديد وقت خالي من القلق
- التنفس واليقظة الذهنية
- التغلب على سلوك التجنب
- أين يمكن تركيز انتباهك الآن؟ (النشاط الواعي واليقظة الذهنية). ما الذي يمكنك فعله لتحمل هذه المشاعر دون الاستجابة لها؟
الموقف | مُحفزّ اضطراب قلق المرض (Trigger) | القلق | أفكار أو صور غير مفيدة | السلوك | الاستجابة البديلة | النتائج |
ماذا حدث؟ ماذا كنت تفعل؟ مع من؟ أين؟ متى؟ | الأحاسيس الجسدية أو الأعراض؟ الأفكار؟ سماع معلومات عن المرض؟ | معدل شدة القلق (0-100٪) | اكتب الأفكار أو الصورة غير المفيدة أو المؤلمة. إلى أي مدى تُصدّق هذه الأفكار؟ (0-100٪) ما مدى تركيزك على جسدك؟ (0-100٪) | أولاً: ماذا فعلت؟ – الفحص؟ – السعي وراء الطمأنينة؟ ثانياً: ماذا لم تفعل؟ (التجنب) لكم من الوقت؟ | ما المنظور العقلاني والأكثر توازناً؟ هل هناك طريقة أخرى للنظر إلى الأمر؟ إلى أي مدى تصدق هذا المنظور المختلف؟ (0-100٪) | إعادة تصنيف معدل شدة القلق (0-100٪) ماذا كان مفيدًا؟ |
بماذا شعرت؟ أين شعرت بذلك في جسدك؟ لكم من الوقت؟ | ماذا يعني ذلك بالنسبة لصحتك؟ ما هو أسوأ شيء في ذلك – ما أسوأ شيء يمكن أن يحدث؟ ما مقدار التركيز المستهلك من انتباهك عند التفكير في جسدك والأعراض؟ | اكتب كل ما فعلته أو لم تفعله والوقت الذي استغرقته تلك السلوكيات. ماذا وكيف فحصت الأعراض؟ كيف سعيت للطمأنينة حيال ذلك؟ هل تجنبت فعل أي شيء؟ | هل هذه حقيقة أم رأي؟ ماذا سيفعل شخص آخر في هذا الموقف؟ ما النصيحة التي سأعطيها لصديق؟ هل ردة فعلي متناسبة؟ هل تكمن المشكلة في إصابتي بمرض خطير – أم أن اعتقادي بإصابتي بمرض خطير هو الذي يسبب أعراض جسدية مرتبطة بالقلق؟ | ما هي عواقب التصرف بهذه الطريقة؟ ما الذي سيساعدني أكثر؟ ما أفضل شيء أفعله لنفسي في هذا الموقف؟ |
*** تم إعداد المحتوى بالتعاون مع Getselfhelp.co.uk