نوبات الهلع ( Panic Attacks )

تعرّق، و صعوبة في التنفس، و تسارع في دقات القلب، هل ما يحدث هو نوبة قلبية أم نوبة هلع؟

ما هي نوبات الهلع؟

نوبات الهلع (Panic Attacks) عبارةٌ عن مشاعر تظهر بطريقة مفاجئة وغير معقولة، تتجسد بالخوف والقلق الغامر. تتميز هذه النوبات بسرعتها، و تتمثل بأعراض جسدية كتسارع دقات القلب والتنفس السريع والتعرق. قد تكون هذه النوبات متوقعة أو غير متوقعة، وتمتد عادةً من بضع دقائق حتى 30 دقيقة وتصل ذروتها خلال 10 دقائق، بعض النوبات قد تصل مدتها إلى ساعة، كما و يجدر الذكر بأن النوبات المتكررة قد تتكرر لساعات عديدة. قد تحدث نوبات الهلع مع عدة اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة، ولكن تكرار هذه النوبات يعد من الأعراض الأساسية لاضطراب الهلع (Panic Disorder)والذي بدوره يعتبر جزءًا من اضطراب القلق (Anxiety Disorder)، الذي يعتبر أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا ويؤثر على قرابة ال 30٪ من البالغين في مرحلة ما من حياتهم.

يمكن للأشخاص من جميع الفئات العمرية أن يصابوا بنوبات الهلع بما في ذلك الأطفال، ولكنها تصيب عادةً الأفراد خلال فترة المراهقة وقبل عمر ال25 والبعض قد يصاب بها في منتصف الثلاثينات. تعد النساء أكثر عرضة للإصابة بها من الرجال، في الحقيقة، إن فرصة إصابتهن تصل إلى ضعف فرصة إصابة الرجال.

ما هي أعراض نوبات الهلع ؟

إن الأمر الذي يميز نوبة الهلع عن دونها من الاضطرابات النفسية، هو سرعة تدفق أعراضها النفسية والجسدية والتي يمكن لها أن تحدث دون سبب واضح. تكون هذه الأعراض مخيفة للشخص المصاب بها، ولكنها لا تعتبر أعراضًا خطيرةً تهدد حياته أو تؤثر على صحته. تشمل هذه الأعراض ما يلي:

  • تسارع دقات القلب، و صعوبة التنفس، و ألم في الصدر، و الإحساس بالاختناق
  • الدوار، و التعرق، والغثيان
  • الرعاش، و القشعريرة
  • الهبات الساخنة
  • اهتزاز الأطراف، والخدران، والشعور بالوخز
  • جفاف في الفم
  • الشعور بالحاجة لاستعمال المرحاض
  • طنين في الأذن
  • الشعور بالرهبة أو الخوف من الموت
  • اضطراب المعدة
  • الشعور بفقدان الاتصال بالجسد، أو الانفصال
  • الخوف من فقدان السيطرة

ما هي أسباب نوبات الهلع ؟

ليومنا هذا، لم يتم الجزم بمعرفة الأسباب المباشرة لإصابة الفرد بنوبات الهلع المصاحبة، ولكن قد تزداد فرصة إصابة الفرد بنوبات الهلع مع تواجد بعض العوامل. وجود أي من هذه العوامل لا يعني بالضرورة حتمية الإصابة بنوبات الهلع ولكنها قد تساهم في نشوئها عند بعض الأفراد. تشمل هذه العوامل ما يلي:

  • العامل الوراثي: وجود شخص في العائلة مصاب باضطراب القلق ونوبات الهلع يزيد من نسبة إصابة الفرد أيضًا.
  • الصحة النفسية: الأفراد المصابين باضطرابات نفسية أخرى، كالاكتئاب واضطراب القلق هم أكثر عرضة من غيرهم.
  • الإدمان: إن إدمان الكحول والمخدرات يزيد من نسبة الإصابة بنوبات الهلع.
  • التجارب الحياتية المؤلمة: كفقدان شخص عزيز.
  • وجود اعتلالات في الجهاز العصبي أو كيمياء الدماغ.

كيف يتم تشخيص نوبات الهلع ؟

لنوبات الهلع أعراض مشابهة لأعراض بعض الأمراض جسدية، كأمراض الغدة الدرقية والقلب والجهاز التنفسي، التي تؤثر الإصابة بها على سرعة دقات القلب، و التنفس. لذلك، من المهم زيارة الطبيب النفسي ليقوم بإجراء الفحص السريري و المخبري لاستبعاد الأمراض المذكورة مسبقًا وغيرها من الأمراض. في حال ثبوت عدم الإصابة بهذه الأمراض، يتم استبعادها كمسبب للأعراض التي يعاني منها المريض، ومن ثم يتم التركيز على الجانب النفسي و السؤال عن الحالة العامة للمشاعر والأفكار، والنمط العام لسلوك الفرد ،وأمور أخرى منها: وجود القلق المستمر، أو إدمان الفرد على المخدرات أو الكحول، والأخذ بعين الاعتبار العوامل المساعدة ليتم التشخيص.

كيف يمكن الوقاية من نوبات الهلع؟

إن الحياة اليومية تجلب الضغوطات النفسية، الكبيرة والصغيرة منها. لذلك، الاهتمام بالذات و تجنب هذه الضغوطات ومسبباتها أو التعامل معها بشكل سليم يعتبر من أهم العوامل لتجنب حدوث نوبات الهلع. أضف إلى ذلك، تقوم جلسات العلاج بتعليم الفرد كيفية تحديد المواقف المحفزة لنوبات الهلع وإدارتها وبالتالي منع حدوثها. لتقليل فرصة الإصابة بنوبات الهلع، ينصح بالآتي:

  • ممارسة العادات الصحية (تناول الطعام الصحي والمتوازن، والحصول على قسط كافٍ من الراحة والنوم، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام)
  • تجنب أو الحد من استهلاك الكافيين والكحول والتدخين
  • تدوين ما يحفز النوبات والقلق والتوتر، ومن جهة أخرى تحديد ما يخفف منها، وذلك لتحديد الأنماط والتعامل معها وتجنب ما يحفز الهلع
  • ممارسة تقنيات الاسترخاء (التنفس العميق، واليوغا، والتأمل، واليقظة الذهنية)
  • المشاركة في مجموعات الدعم
  • استشارة الطبيب قبل تناول المركبات العشبية أو الأدوية التي تصرف بدون وصفة، حيث أن بعضها قد يزيد من فرصة الإصابة بالنوبات
  • البقاء على إطلاع بالوضع الصحي الجسدي للفرد للتمييز بين أعراض نوبة الهلع وأعراض المشكلات الصحية الأخرى، ومراجعة الطبيب لعمل فحوصات تستبعد وجود المشاكل الصحية
  • عمل خطة للتعامل مع نوبات الهلع عند حدوثها، مما يعطي الفرد المزيد من التحكم والسيطرة عليها، وذلك لتقليل مدة هذه النوبات وعدد مراتها. قد تضمن هذه الخطة ما يلي:
  • عدم تحدي النوبة ومحاربتها عند حدوثها
  • إعداد قائمة ببعض العبارات سواء على ورقة او في الهاتف تحتوي عبارات مثل ” سأكون على ما يرام، هذه مجرد أعراض هلع وستنتهي” ، وذلك لترديدها أو قراءتها عند الحاجة
  • ممارسة التنفس العميق أو استرخاء العضلات التدريجي
  • قراءة ورقة تصف نوبات الهلع وذلك للمساعدة في تبرير الخوف من الموت المصاحب للنوبة
  • طلب دعم الأهل وزملاء العمل والأصدقاء وإخبارهم بالخطة للمشاركة في التعامل مع نوبات الهلع والتأقلم
  • الذهاب إلى مكان هادئ إن أمكن لممارسة تقنيات الاسترخاء
  • تخيّل صورة هادئة أو موقف يعطي الشعور بالأمان والسلام أو أي أمر إيجابي في ذهنك
  • تجربة تقنية 5-4-3-2-1:
  • ابدأ من 5 ، استخدم حواسك لسرد الأشياء التي تلاحظها من حولك. على سبيل المثال ، قد تبدأ بسرد خمسة أشياء تسمعها ، ثم أربعة أشياء تراها ، ثم ثلاثة أشياء يمكنك لمسها من مكان جلوسك ، وشيئين يمكنك شمهما ، وشيء واحد يمكنك تذوقه.
  • حاول ملاحظة الأشياء الصغيرة التي قد لا تهتم بها دائمًا ، مثل لون البقع في السجادة.

ما هو علاج نوبات الهلع ؟

يعد العلاج النفسي أو العلاج الدوائي أو كلاهما معًا، حلًا فعالًا للغاية للتعامل مع نوبات الهلع وممارسة النشاطات الحياتية بشكل طبيعي. تعتمد المدة التي يحتاج فيها الفرد المصاب إلى العلاج على شدة النوبات ومدى الاستجابة للعلاج. أما الخيارات فتشمل ما يلي:

  • العلاج النفسي: كالعلاج السلوكي المعرفي (Cognitive Behavioral Therapy- CBT) وهو نوع من العلاج النفسي أو العلاج بالكلام، يناقش فيه المريض أفكاره وعواطفه مع الأخصائي النفسي، الذي يساعده في فهم نوبات الهلع و تحديد مسبباتها والتحكم في وجهات النظر المشوّهة تجاه الحياة وأحداثها، وذلك حتى يتمكن المريض من تغيير تفكيره وسلوكياته وردود أفعاله.
  • العلاج الدوائي: قد يصرف الطبيب بعض الأدوية تبعًا لما يراه مناسبًا لحالة المريض، وقد تشمل هذه الأدوية مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق وربما أدوية أخرى حسب حالة المريض والأعراض التي يعاني منها.

ما هي مضاعفات نوبات الهلع ؟

نوبات الهلع قابلة للعلاج بشكل كبير، ولكن شعور الفرد المصاب بالإحراج من زيارة طبيب نفسي و تأجيله لطلب المساعدة قد يؤدي إلى تفاقم الحالة و تأثيرها على حياة الفرد، مما قد يؤدي إلى ظهور عدة مضاعفات، منها:

  • القلق التوقعي: وهو القلق الشديد من احتمالية الإصابة بنوبة هلع فيدخل الفرد هنا بحلقة مفرغة من الخوف والتوتر.
  • الرهاب (الفوبيا): الرهاب هو خوف شديد وغير معقول من شيء محدد. كرهاب المرتفعات، و رهاب الأماكن المغلقة.
  • رهاب الخلاء ( الآغاروفوبيا): يعاني ما يقرب ثلثي الأشخاص المصابين باضطراب الهلع من الآغاروفوبيا. يخشى الفرد المصاب فيه من التواجد في أماكن أو مواقف قد تحدث فيها نوبة هلع. يمكن أن يتطور الخوف لدرجة أن يمتنع الفرد من مغادرة المنزل بسبب هذا الخوف.

إذا كنت تعاني من أعراض نوبات الهلع، تذكر أنه لا يوجد ما يستدعي الشعور بالحرج حيالها. لا تتردد واطلب المساعدة الطبية المختصة في أقرب وقت.

*** تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى

المراجع:

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *