يواجه الأطفال أثناء النوم مشكلات مختلفة قد تثير لديهم شعورًا بالتوتر عند حلول موعد النوم، كالكوابيس والأحلام المزعجة التي تتكرّر يوميًّا أو من حينٍ لآخر، ولكنْ عندما تتعلّق المشكلة برهاب الليل فإنّ الأمر مختلف، خاصةً وأنّ الوالدين هم من يلاحظون تكرار هذه المشكلة لدى طفلهم، فتؤرقهم وتدفعهم لطلب المساعدة، فما هو رهاب الليل؟ لتتعرّف عليه يمكنك الاطلاع على هذا المقال.

 

ما هو رهاب الليل؟

يعدّ رهاب الليل (Night Terrors) أو الرعب الليلي أو هلع النوم أحد أنواع الخَطَل النّوميّ(Parasomnia) ، الذي يظهر على صورة نوبات من الشعور بالرعب والخوف الشديد خلال النوم يدفع المصاب إلى الصراخ أو البكاء أو تحريك يديه وساقيه، وقد تظهر عليه بعض الأعراض الجسديّة الأخرى، كتسارع نبضات القلب ومعدّل التّنفّس، وعادةً ما تبدأ بالظهور بعد 90 دقيقة من نوم الطفل، وهي مرحلة نوم حركة العين غير السريعة (Non-rapid eye movement sleep)، وقد تستمر النوبة لبضع ثوانٍ أو دقائق، ولكنّها في بعض الحالات قد تمتد لفترة أطول، ويعدّ رهاب الليل من المشكلات الشائعة بين الأطفال على اختلاف جنسهم وعرقهم، والتي لا تستدعي القلق في كثيرٍ من الأحيان.

 

هل يصيب رهاب الليل البالغين؟

أجل، رغم شيوعه بين الأطفال فهو قد يصيب البالغين أيضًا، ومن المحتمل أنْ تكون قدرة الشخص البالغ على تذكر الحلم في هذه الحالة أكبر مقارنةً بالطفل، ومن العوامل التي تزيد من فرصة إصابة الكبار برهاب الليل: القلق، والاكتئاب، واضطراب ثنائي القطب، كما أنّ رهاب الليل قد يسبّب ظهور السلوكيات العنيفة لدى الشخص البالغ، وقد يجعله محرجًا بسبب سلوكه أثناء النوم، ممّا يؤثر على علاقاته.

 

أسباب وعوامل الإصابة برهاب الليل 

يؤثّر العامل الجينيّ الوراثي على الإصابة برهاب الليل، فإصابة أحد الوالدين أو الإخوة برهاب الليل يزيد فرصة الإصابة به، كما توجد عوامل أخرى قد تساهم في ظهور هذه المشكلة، منها:

– السير أثناء النوم (Sleepwalking) ، إذْ يحدث السير أثناء النوم ورهاب الليل في مرحلة النوم العميق، لذلك قد يوجد رابط بين الحالتين. 

– اضطراب غدّة المهاد أو تعرّضها للضّرر، وهي الغدّة التي تلعب دورًا مهمًّا في المحافظة على دورة النوم والاستيقاظ.

– اضطرابات التّنفّس أثناء النّوم، كانقطاع التّنفّس الانسداديّ النّوميّ(Obstructive Sleep Apnea) .

– متلازمة تململ السّاقين (Restless Leg Syndrome).

– اضطرابات المزاج(Mood Disorders) ، كالاكتئاب والقلق. 

– أمراض الدّماغ؛ كالخرف (Dementia)

 

كما توجد مجموعة من العوامل التي قد تحفّز ظهور أعراض رهاب الليل، أهمها:

– استخدام بعض الأدوية؛ كمضادّات الاكتئاب، وغيرها من الأدوية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزيّ.

– استهلاك كميات كبيرة من المشروبات أو الأطعمة التي تحتوي على الكافيين(Caffeine) .

– التعرّض لإصابات الرأس.

– الإصابة بصداع الشقيقة.

– الخضوع مؤخرًا للتخدير أثناء الجراحة. 

– الحرمان من النّوم والشعور بالإرهاق. 

– التّوتّر والضّغوطات النّفسيّة. 

– اضطراب روتين النّوم بسبب السّفر.

– الإصابة بالحمّى.

– امتلاء المثانة.

– التعرّض للإزعاج أو الإضاءة.

 

ما الفرق بين الكوابيس ورهاب الليل؟ 

الكوابيس هي أحلام مخيفة تسبّب الضّيق، وتحدث عادةً آخر اللّيل في مرحلة نوم حركة العين السّريعة (REM)، ودون أنْ تصاحبها أعراض جسديّة، وعادةً ما يمكن تذكر الكوابيس والمشاعر المرتبطة بها بعد الاستيقاظ. 

أمّا الرّعب اللّيليّ فيحدث عادةً في الثّلث الأوّل من اللّيل خلال مراحل النّوم العميقة (مرحلة نوم حركة العين غير السريعة)، وعلى الرّغم من أنّ الشخص قد يبدي أعراضًا جسديّة (كالصّراخ والتّخبّط) أثناء تعرّضه لرهاب الليل، بل وقد تكون عيناه مفتوحتين، فإنّه لا يكون مستيقظًا بالفعل، ولن يتذكّر شيئًا قد حدث له أثناء نوبة الرهاب التي عادةً لا تتجاوز 15 دقيقة، ويصعب إيقاظه في الأثناء، ويشار أيضًا إلى أنّ رهاب الليل يصيب الأطفال بصورة أكبر مقارنةً بالبالغين. 

 

ما هي أعراض الإصابة برهاب الليل؟ 

تظهر أعراض نوبة رهاب الليل خلال الثّلث الأوّل من النوم، وقد تتضمّن بعض الآتي:

– الصّراخ أو البكاء. 

– التّحديق في الفراغ.

– الجلوس في السّرير وهو مرتعب. 

– تسارع نبضات القلب ومعدّل التّنفّس.

– الرّكل والتّخبّط. 

– عدم تذكّر المصاب من ما حدث خلال النّوبة في صباح اليوم التالي. 

– التّعرّق الشّديد، واحمرار الوجه، وتوسّع حدقة العين.

– المشي أثناء النّوم في بعض الحالات، أو التّصرّف بعنف إن حاول أحدهم إيقافه.

– صعوبة الاستيقاظ خلال النّوبة، وإن استيقظ المصاب فيكون في حالة تشوّش وارتباك، وتصعب تهدئته. 

 

كيف يشخّص رهاب الليل؟ 

عادةً ما تتلاشى أعراض رهاب الليل دون علاج مع مرور الوقت ونموّ الطفل ودخوله مرحلة المراهقة وبلوغ سنّ الرشد، ومع ذلك، يوصى بزيارة الطّبيب والتّأكّد من عدم تأثير نوبات رهاب الليل عليه، خاصّةً إن تحقّق واحدًا من الشروط الآتية: 

– ظهور إصابات على الجسم بسبب نوبات رهاب الليل، أو إلحاق الأذى بالآخرين.  

– تكرار حدوث النّوبات مرّتين أو أكثر في الأسبوع الواحد.

– يصاحب رهاب الليل المشي أو التّحدّث أثناء النّوم.

– ظهور أعراض رهاب الليل خلال مرحلة المراهقة أو بعد بلوغ سنّ الرشد.

– تأثير الرّعب سلبًا على نوم المصاب، وقدرته على إنجاز مهامّه الحياتيّة اليوميّة. 

 

إذْ يشخّص الطبيب رهاب الليل في معظم الأحيان باتباع الآتي:

– عمل فحص جسديّ للمصاب للتّحقّق من وجود أمراض جسديّة تثير أعراض رهاب الليل لديه.

– مناقشة المصاب حول الأعراض والنّوبات التي يتذكّرها، ومعرفة التاريخ المرضي للعائلة، وقد يُطلَب من المصاب تعبئة استبيان يساعد على تشخيص الحالة.

– سؤال الشريك أو أحد أفراد عائلة المصاب حول كافّة الأعراض والمشكلات التي يواجهها، فقد تكون مصدرًا جيّدًا لمعرفة سلوك المصاب أثناء نومه. 

– ينصح الطّبيب في بعض الحالات بإجراء تخطيط النّوم(Polysomnography) ، إذْ حيث يقضي المصاب ليلةً في مختبر خاصّ لمراقبة الموجات الدّماغيّة، ونبض القلب، وسرعة التّنفّس، ومستويات الأوكسجين في الدّم، وحركة العينين والقدمين للمصاب خلال النوم، وهو ما يساعد على تقييم طبيعة النّوم وعلاج المشاكل المصاحبة له إن وجدت. 

كيف يتمّ علاج رهاب الليل؟ 

عادةً لا يعدّ علاج نوبات رهاب الليل العرَضيّة ضروريًّا، ولكنْ إن تسبّبت النّوبات بإلحاق الأذى للمصاب أو من حوله، أو أثّرت سلبًا على حياته فإنّه يحتاج العلاج، ومن خيارات العلاج المتاحة: 

  • علاج الحالة أو المرض المسبّب لرهاب الليل، فعلاج المرض أو الحالة المسبّبة للرّعب اللّيليّ يقلل من النوبات أو يساهم في التخلّص منها. 
  • إيقاظ الشخص قبل حدوث نوبة رهاب الليل، ويكون ذلك بمعرفة الوقت الذي تظهر فيه أعراض رهاب الليل، وقد يساعد استخدام مذكّرات النّوم أو إحدى وسائل اكتشاف أنماط الرّعب اللّيليّ على تحديد موعد ظهور الأعراض، والتمكّن من الاستيقاظ قبل موعد حدوث النوبة بحوالي ربع ساعة، ومعاودة النّوم مرة أخرى بعد مضيّ بضع دقائق، فتبدأ دورة نوم جديدة يمكن فيها تجنّب رهاب الليل. 
  • تخفيف التّوتّر والضّغوطات النفسيّة التي يتعرّض لها المصاب؛ إذ يزيد التّوتّر في بعض الحالات من فرصة حدوث نوبات رهاب الليل أو تفاقم أعراضه، وقد يحتاج المصاب لمساعدة طبيب أو معالج نفسيّ للتّعامل مع التّوتّر بطريقة سليمة، وفي هذه المرحلة قد يستعين الطّبيب النّفسيّ بالعلاج المعرفيّ السّلوكيّ(Cognitive Behavioral Therapy)  أو التقنيات الأخرى بما يناسب حالة المصاب. 
  • العلاج الدّوائيّ، فرغم ندرة استخدام الأدوية لعلاج رهاب الليل –خاصّةً الذي يعانيه الأطفال- فقد يعطى المصاب أنواع من الأدوية المهدئة أو بعض مضادّات الاكتئاب(Antidepressants)  تحت إشراف طبّي إن أصبح رهاب الليل معيقًا لإنجاز المهام اليوميّة الاعتياديّة أو يؤثر على جودة الحياة. 

 

نصائح تساعد المصاب برهاب الليل

نودّ تقديم بعض النّصائح لمساعدة المصاب على تخفيف مشكلة رهاب الليل، أهمها:  

  • ضمان الحصول على القسط الكافي من الراحة والنّوم، وهو ما يساعد على تجديد طاقة الجسم وتجاوز مرحلة رهاب الليل، خاصةً وأنّ الإرهاق يزيد الحالة سوءًا، وفي هذا السياق يُذكر بأنّ الغفوات القصيرة والخلود إلى النّوم باكرًا يساعد على تعويض ساعات النّوم الضّائعة. 
  • الالتزام بعادات النّوم الصحيّة لتحسين جودة النّوم، والتمكّن من تحويلها إلى نشاط عائليّ روتينيّ، كأن يمارس المصاب وعائلته أنشطة هادئة ومطمئنة قبل موعد النوم، سواءً كانت تمارين يوغا أو تقنيات تأمّل، أو قراءة الكتب والقصص، أو حلّ الألغاز والأحجيات، كما ويفيد في تحسين النوم الابتعاد عن استخدام الأجهزة الإلكترونيّة وتجنب استهلاك الكافيين قبل الخلود إلى النوم، وأخذ حمام دافئ للمساعدة في الاسترخاء. 
  • توفير بيئة نوم آمنة للطفل لتقليل فرصة تعرّضه للأذى عند ظهور أعراض رهاب الليل، لذلك، أغلق الأبواب والنّوافذ، وحافظ على تأمين الأدراج والسّلالم، والتأكّد من عدم وجود ما يعيق الحركة داخل غرفة النّوم، بالإضافة إلى أهميّة إبعاد الأدوات الحادّة والأسلاك الكهربائيّة، والتأكّد من سلامة المكان.
  • تجنّب إيقاظ الطفل ومحاولة تحريكه بقوّة عند بدء نوبة رهاب الليل لتجنّب تفاقم المشكلة أو إلحاق الأذى به، ولكن بإمكانك البقاء بجانبه إلى حين انتهاء نوبة رهاب الليل للتّأكّد من سلامته، فهي غالبًا ما تستمرّ لفترة قصيرة، كما يمكنكَ احتضانه وتهدئته بلطف ومحاولة إعادته للسرير، وبمجرّد استيقاظه عليك الاستماع لمخاوفه ومساعدته على تخطّي الحالة. 

 

وختامًا، نوبات رهاب الليل غالبًا لا تستدعي القلق، ولكنّ استمرار حدوثها وتأثيرها على جودة الحياة وإنجاز الأنشطة قد يعني ضرورة طلب المساعدة من الطبيب أو المعالج النفسي للسيطرة عليها وعلاج المشكلات التي تسبّبها، ووظيفة الوالدين تنظيم نوم طفلهم وتحسين ظروفه بنظامٍ محدّد يساعده على تجاوز رهاب الليل، وحمايته من الأذى. 

 

*** تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى  

 

المراجع:

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *