كيفية التعامل مع تنافس الأشقاء والغيرة بين البالغين

  • محاولات الاستفزاز والمناوشات والتنافس، نجدها شائعة إلى حدٍّ كبير بين الإخوة الصغار بصرف النظر عن الظروف المحيطةِ بهم، وغالبًا ما تتلاشى هذه المشكلات مع الوقت، عندما يُصبح الأطفال كبارًا راشدين، ولكنّ التنافس بين الإخوة الكبار موجود أيضًا، بل والبعض يجد أنّ المشاكل والعلاقة بينه وبين إخوته ازدادت تعقيدًا أكثر عندما أصبحوا كبارًا، فكيف يُمكن التعامل مع تنافس الأشقاء البالغين؟ هذا ما سنتطرق إليه في المقال إلى جانب محاور عديدة.

     

    التنافس بين الأشقاء البالغين

    التنافس بين الأشقاء ليس متعلّقًا بمرحلة الطفولة فحسب، فقد يستمر أو يزداد حِدةً مع الوقت، عندما يُصبح الإخوة كبارًا في سنّ الرشد، فنجد أنّهم يكافحون من أجل البقاء على توافق، أو محاولة النقاش حول أمرٍ ما، وفي بعض الحالات يُسبّب هذا التنافس الابتعاد والفُرقة بينهم، إذْ يتصاعد التنافس والتوتر في علاقة الإخوة أحيانًا لمرحلة الحسد، أو السباق في محاولة التفوق وتحقيق السعادة، والاستقرار والزواج، وحتى الحصول على ترقية مميّزة في الوظيفة، وهذا يزيد من الصراع بينهم، وعدم الانسجام.

    وفي بعض الحالات تكون الخلافات في ما بينهم لفظية؛ كالتعبير بازدراء وسُخرية، أو خوض مشاجرات بعضها بسيط ويتم السيطرة عليها بسرعة، وبعضها يكون شديدًا بحيث تتجاوز حدود الودّ بين الطرفين، والتي قد يترتّب عليها مشاكل عاطفية ونفسية، وانقطاع العلاقات.

     

    أسباب التنافس بين الأشقاء البالغين  

    تتأثر علاقات الإخوة بالعديد من العوامل، مثل اختلاف شخصيات الأبناء، وطبيعة تجارب الحياة، ولعل العلاقة مع الوالدين هي الأكثر تأثيرًا في هذا الجانب، وفيما يلي توضيح لبعض هذه الأسباب:

    • اختلاف تعامل الآباء مع أبنائهم، فهو أحد أهم الأسباب التي قد تؤدي إلى تحفيز التنافس بين الأشقاء على اختلاف أعمارهم، ولا يرتبط فقط بالإخوة وهم أطفال.
    • المشاعر السلبية التي تتشكّل في مرحلة الطفولة، فأحيانًا يستمرّ بعضها حتى سنّ الرشد، مثل قِلة تقدير أحد الأبناء من قِبل الأبوين، أو إظهار القليل من الحب تجاهه؛ فالأبناء بطبيعتهم يرون أنهم مستحقون لحب آباءهم ودعمهم بشكلٍ أساسيّ، ولكنْ قد يُميّز الآباء أحد أبنائهم بسبب قربه بالسكن وتواجده دائمًا، أو توافق شخصية وأفكار أحد الأبناء مع الأب أو الأم وهذا يؤثر على علاقته به، أو اختلاف مستوى الابن التعليمي أو الاجتماعي مقارنةً بإخوته الآخرين.
    • التواجد الدائم للأشقاء مع بعضهم، والذي يُجبرهم على التعامل في ما بينهم وحدوث الخلافات بسبب الطباع والسلوكيات المختلفة، وهذه العلاقة لا تُشبه ما يمكن تجربته مع الأصدقاء والآخرين.
    • تعارض القيم والمبادىء، فالناس تميل أكثر لمن يشاركها أفكارها وقيمها، وتتجنّب من لا يُشبهها، وقد يحدث ذلك بين الأشقاء، ومع ذلك، سيبقى الرابط العائلي موجودًا ولا يُمكن تجاهله.
    • عوامل أخرى لا يمكن التحكم بها، مثل نظرة الآباء المختلفة عن الأبناء والتعامل معهم.

     

    كيف يمكن التعامل مع التنافس بين الأشقاء البالغين؟

    التعامل مع تنافس الأشقاء البالغين قد يكون صعبًا، فمع مرور الوقت تزداد العلاقات تعقيدًا، ويصبح التغلب عليها بحاجة لمزيد من القوة والشجاعة، وتعد الرغبة الحقيقية في إحداث التغيير خطوةً مهمة لتحقيق نتائج مُرضية، وفيما يلي بعض الطرق التي قد تساعدك على تقليل حِدة هذا التنافس:

    • انطلق في حياتك، واعطِ لنفسك المساحة الكافية لإعادة بناء هويتك الخاصة بعيدًا عن إخوتك، ووافق على وجود عدم التوافق حتى ولو كان مؤقتًا، فهذا قد يسمح لكَ بالتفاعل مع إخوتك بسلامٍ أكثر.
    • حاول فتح باب للحوار مع شقيقك في حالة عدم القدرة على تجاوز شيئ حدث في الماضي، وشاركه وجهة نظرك حول شعورك بأنّك أقل منزلة منه أو أيًّا كان ما تشعر به.
    • تجنب استرجاع أحداث الماضي والجروح القديمة، فلا فائدة من ذلك في الوقت الحالي حتى ولو كانت الأحداث سيئة والجروح عميقة ومؤلمة، يُمكنكَ إقناع نفسك بأنها قد حدثت، ولا بأس من بعض الألم، فربما تشعر ببعض السلام.
    • لا تفترض أو تسعى لإصلاح الطرف الآخر دون دراسة ومعرفة جيدة للموقف وكيفية التصرّف فيه، خاصةً عندما تكون المشكلة نابعة عن صدمة تعرّض لها شقيقك، والتي لا تُبرّر تصرفاته ولكنْ يُمكنكَ حينها البحث عن حلول صحية عوضًا عن ذلك لاستمرار العلاقة.
    • التغيير لا يحدث فجأة، ولن تتمكن من تغيير أنماط السلوك بسرعة، وإنما رغبتك في إصلاح العلاقة بطريقة مدروسة ومقصودة قد تساعد على تخفيف التوتر بينكما، ويُمكن أنْ يساعد المُعالج النفسي في ذلك إنْ واجهتك صعوبة.
    • كن متعاطفًا ومنفتحًا وتقبل الاختلاف ببساطة؛ فحاجة شقيقك ومشاعره مختلفة عنك، وربما تكتشف عنه أشياء لم تلاحظها مُسبَقًا.
    • لا تأخذ الأمور على محملٍ شخصيّ، فوالداك على الأغلب لا يسعيان وراء جرح مشاعرك، وتفضيل أحد إخوتك أكثر، بل أحيانًا لا يُدركون طبيعة تصرفهم، ومع ذلك، إن شعرت أنهم يحاولان إيذاءك كعقاب كونكَ لا تسير كما يريدان، فالأفضل أن تبقى بعيدًا.
    • أبقِ علاقتك بوالديك منفصلة عن علاقتك بأشقائك، ولا تنازع إخوتك على أمرٍ لم يختاروه بأنفسهم، حتى وإنْ كانوا يسعون بأقصى ما لديهم لكسب حب وتفضيل أبويك.
    • واجه تفضيل أحد إخوتك وعدم حصولك على نفس القدر من الاهتمام بالقبول حتى وإنْ كان الأمر صعبًا، فستشعر بالتغير نحو الأفضل، وبقوة شخصية أكبر، وعليكَ إدراك فكرة أنّ عائلتك هي جزء واحد فقط من حياتك، ولا يجب أنْ تكون الجزء الأكثر أهمية والذي يؤثر على باقي جوانب معيشتك.
    • ستكون أكثر قبولًا للتناقضات والمشاكل العائلية عندما تركز اهتمامك على ما يمكنك تقديمه أو مشاركته مع أسرتكَ الخاصة إن كانت لديك واحدة.
    • إذا شعرت بأنّ شقيقك يريد تشويه سمعة إنجازاتك بدافع الحسد ووجود مشكلة في تقديره لذاته وما أنجزه، يُمكنكَ تخفيف التوتر بينكما واعترف بأنّك لم تستطِع إنجاز كل ما وصل إليه.
    • ابنِ جسرًا من التواصل الجاد مع إخوتك، واحتفظ بهدوئك وكن واضحًا معهم، وعرّفهم باحتياجاتك وما أنت عليه الآن، واستمع لآرائهم بالمقابل؛ لمحاولة الوصول إلى التفاهم والتغيير الإيجابي في العلاقة.
    • ساعد إخوتك على الخروج من حيّز التنافس الذي علقوا فيه، وإلقاء الضوء على تقوية تفاعلهم وتشاركهم مع بعضهم.
    • تعامل مع المواقف من منظور آخر، وأعطِ لعلاقتك مع إخوتك فرصة، وحاول التعرّف إليهم أكثر، فأحيانًا تتغير سلوكيات وتصرفات البشر، والجميع يُخطيء ويُصيب، حتى أنت، فقد يُصبح التفاهم أفضل بهذه الطريقة.
    • ابحث عن الحب غير المشروط والقبول المناسب لك في مكانٍ آخر، فالعديد من الأشخاص خارج نطاق العائلة يُمكنهم تقديم الدعم أكثر من أفراد العائلة نفسها.
    • قلل من الوقت الذي تُمضيه مع شقيقك في حال فشلت الطرق الأخرى في تحسين العلاقة بينكما، ولا تردّ على جميع تعليقاته، وإذا لزِم الأمر بقاءك في الشركة أو المكان الذي يعمل به، فرفض الانخراط هو الطريقة الأفضل.
    • احصل على المساعدة من المعالج المختص عندما تصل لمرحلة تتعرّض فيها لكثيرٍ من الضغط والتوتر، فالمُعالج يُمكنه تقديم المساعدة في التغلب على التوتر، واتباع الطرق والسلوكيات التي يُمكنكَ من خلالها التعامل مع الضغوطات بشكل أسهل.

     

    العلاقة الأخوية تُبنى بالأساس على المحبة والصدق والروابط الوثيقة التي لا تتزعزع، لهذا ركز على الذكريات الجميلة بينك وبين إخوتك، وافسح المجال لرؤية الجانب الجيد من علاقتكم، وحاول تطويرها والتغلب على ما يشوبها من خلافات قدر الإمكان، وإذا شعرت أنّك ستخسر هذه العلاقة لأيْ سببٍ كان، لا تستسلم وكافح من أجل توثيقها، واطلب الدعم والمساعدة من الأخصائي النفسي إنْ شعرت بالضغط والتوتر وعدم القدرة على التقدم في حياتك بسلام.  

     

    *** تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى  

    المراجع:

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *