نتعرض في حياتنا اليومية لمواقف ومواجهات عديدة تتملكنا فيها مشاعر وأحاسيس مزعجة يصعب مقاومتها، ولكننا نادرًا ما نُلقي بالًا لهذه المشاعر مع أنها تلعب دورًا مهمًّا في التأثير على الحالة النفسية والمزاجية والفسيولوجية، ونحن فعليًّا بحاجة شديدة للإنقاذ من هذه الدوامة، فكيف نتعامل مع المشاعر السلبية؟ هذا ما سنجيب عليه في هذا المقال.  


ما هي المشاعر السلبية؟ 

يمكن تعريف المشاعر السلبية (Negative emotions) على أنها ردود فعل عاطفية مزعجة تجعل الشخص حزين وبائس، وتظهر هذه المشاعر بصورة طبيعية في مواقف معينة، ولكنّها تزول من تلقاء نفسها خلال مدة زمنية قصيرة، وفي بعض الحالات تكون مستمرّة إن لم يُسيطَر عليها بالطريقة الصحيحة، فتنعكس سلبًا على حياة الفرد، وتُعيق إنجاز الأعمال اليومية الاعتيادية، وربما تتعارض مع القدرة على تحقيق الأهداف، أو تجعل الشخص غير قادر على حب ذاته أو الآخرين، ويتحول لإنسان فاقد الثقة بنفسه، وغير راضٍ عن حياته.

 

ما أنواع المشاعر السلبية؟

المشاعر السلبية عديدة ومتنوعة، ولكنْ من أبرزها:

  • الغضب.
  • اللامبالاة.
  • الفراغ.
  • الازدراء أو الكراهية أو الاشمئزاز.
  • الإحباط.
  • الخوف أو القلق.
  • الفشل.
  • الذنب.
  • العجز وقِلة الحيلة.
  • الوحدة.
  • الغيرة.
  • الإرباك.
  • الاستياء.
  • العار

 

ما أسباب المشاعر السلبية؟

الأسباب التي تُثير المشاعر السلبية كثيرة ومتنوعة ويصعب حصرها، وهي تختلف بشكل كبير من شخص لآخر، ويُمكن إجمال عدد منها في الآتي:

التعرّض لموقف أو حدث معين

كالشعور بالغضب بسبب تأخر الشريك عن موعد حضوره، أو الإحباط بسبب خسارة الفريق المُفضَّل في اللعبة، وحينها تظهر المشاعر السلبية كرد فعل قصير الأمد للحَدَث المزعج.

عدم تلبية الاحتياجات

سواءً كانت هذه الاحتياجات عاطفية أو اجتماعية أو نفسية أو روحية في طبيعتها، فقد يُسفر عن عدم تلبية هذه الاحتياجات الشعور بالوحدة، أو الحزن، أو الغضب، أو غيره من المشاعر المزعجة.

الصراع في العلاقات

كالعلاقات بين الأصدقاء، أو أفراد العائلة، أو زملاء العمل، أو بين الأزواج، وتُعتبر مشاكل العلاقات الشخصية من الأسباب الشائعة لظهور المشاعر السلبية.

سوء مهارات التأقلم 

فالتأقلم بطريقة غير ملائمة مع التوتر والضغط اليومي قد يُثير مشاعر الإحباط، وغالبًا ما يتسبب في تفاقم المشكلة أو يتسبّب في ظهور مشكلات أخرى في الموقف.

 

ما الفرق بين الاكتئاب والشعور السلبي؟

تعكّر المزاج والحزن يعدّ شعورًا سلبيًّا قد يخلط البعض بينه وبين الاكتئاب، والفارق هنا يتعلق بالمدّة الزمنية التي تتملك فيها الشخص هذه المشاعر، ففي حال امتدت فترة وجود المشاعر السلبية والحزن لفترة طويلة تصل لعِدة أسابيع وبشكلٍ يوميّ، فإن الشخص غالبًا يمر بحالة نفسية تُعرَف بالاكتئاب. 

 

ماهو تأثير المشاعر السلبية على حياتنا؟ 

تقود المشاعر السلبية إلى التوقف عن التفكير بطريقة منطقية، والبدء باختلاق سيناريوهات بحسب ما يريد الشخص فعلًا تذكره ورؤيته حتى وإنْ كان غير واقعيًّا، وهذا ما يزيد من الغضب والحزن الشديد ويُعيق الاستمتاع بالحياة، وعدم التعامل مع هذه المشاعر بالطريقة الصحيحة قد يزيد المشكلة، أو ربما يكون مؤذيًا وعنيفًا. 

 

وعمومًا، وُجدت المشاعر السلبية لكي تشعر بعدم الراحة، وفي الآتي ذكر بعض آثار المشاعر السلبية:

التوتر

فالمشاعر السلبية قد تولّد توترًا إضافيًا في الجسم والعقل، والذي يُسبب الشعور بالانزعاج وربما مشكلات صحية في حال أصبح مزمنًا أو منهكًا، وقد يلجأ الأفراد للتعامل مع التوتر بطريقة غير صحيحة.

تزويد معلومات

في كثير من الأحيان ، تكون هذه المشاعر مفيدة لأنها يمكنها أيضًا إرسال رسائل إلينا وتزويدنا ببعض المعلومات. فمثلا:

  • الخوف يحفز زيادة مستوى تحقيق الأمن.
  • الإحباط والاستياء يدفع الشخص إلى تغيير شيء في العلاقة.
  • الغضب والقلق يُوضّح الحاجة لغيير شيء، أو ربما يوجد تهديد لصحتنا.

 

لماذا يعد التعامل مع المشاعر السلبية صعبًا؟

لأنّ المشاعر سواءً كانت إيجابية أو سلبية تعدّ رد فعلٍ معقَّد ينطوي على حدوث العديد من العمليات الفيسيولوجية والبيولوجية داخل الجسم، فهي تظهر عندما يستجيب الدماغ للأفكار بإفراز هرمونات ومواد كيميائية وتحفّز القدرة على عمل ردّ فعل تجاه المؤثرات، أو ما يُطلق عليه التيقظ (Arousal). 

 

هل يمكن أن يتحول الشعور السلبي إلى عادة؟

أجل، فكما بينّا سابقًا فإنّ المشاعر عبارة عن محصّلة لطريقة التفكير التي يتبعها الشخص، وطريقة التفكير السلبية قد تتحول إلى عادة تُمارَس باستمرار، فمثلًا، يُمكن التعوّد على القلق، ففي هذه الحالة نحن نفكر في كافّة السيناريوهات السلبية التي قد تحدث، وأيضًا بكل الطرق التي تساعد على النجاة منها، للتمكن من تهدئة النفس، ويُصبح الشخص أكثر قلقًا مع الوقت لتدريبه المستمر على كيفية القلق، ومع ذلك يُعرف بأنّ مُعظم جوانب القلق من أشياء تكون في الواقع غير صحيحة والتفكير بشأنها مضيعة للوقت والجهد.

 

كيف يمكنني التعامل مع المشاعر السلبية؟

لتتعامل بطريقة سليمة مع المشاعر السلبية وتتخلص منها، اتبع النصائح الآتية:

  • حاول أن تكون عقلانيًّا ومنطقيًّا في تقبل ظهور المشاعر السلبية تجاه بعض المواقف المزعجة والمُحزنة وعدم القدرة على تجنّبها، وفكر بأمور تجلب السعادة والإيجابية لحياتك، وتوقف عن جلد الذات والشعور بالذنب تجاه كل ما تمر به من ظروف. 
  • -لا تعطِ الأمور أكبر من حجمها عبر التفكير بها مرارًا وتكرارًا، وتعلّم كيفية تحدّي أفكارك حيث أن الأفكار تؤثر على الشعور.
  • تيقّن بأنّ هذه عبارة مشاعر إنسانية موجودة بالفطرة، وهي طبيعية، لذلك، سامح نفسك على الشعور بها ولا تحمل نفسكَ ذنبًا.
  • تعلم ما يحزنك وما يقلقك وما يغضبك، ولاحظ أثرهذه المشاعر على ردة فعلك وتصرفاتك وما يُحفّزها، وبهذا يُمكن الاستعداد وتحضير النفس للتعامل معها.
  • حاول تحديد مصدر مشاعرك السلبيّة، وتجنب الأشخاص السامّين الذين يؤثرون على ردود أفعالنا العاطفية بسبب قربهم لنا، بل أحط نفسك دائمًا بأشخاص إيجابيين يمتلكون همّة وحماس وردود فعل مناسبة تجاه المواقف.
  • حاول الاسترخاء؛ بالقراءة، أو المشي، أو حتى بقضاء وقت ممتع مع الأصدقاء، كما و تساعد تمارين التنفس وتمارين اليقظة الذهنية (Mindfulness) في ذلك أيضًا.
  • تخلّص من مشاعر الماضي المؤلمة، فالعيش في الماضي يسرق منك متعة الحاضر والمستقبل ويجلب المشاعر السيئة. 
  • حاول ممارسة التمارين الهوائية (Aerobic exercises)؛ فهي تساعد على تخفيف التوتر والتأقلم مع المشاعر السلبية.
  • حاول دائمًا السعي لتحقيق أهدافك في الحياة.
  • تجنب تغيير كل شيء دَفعة واحدة، وإنَما قم بوضع أهداف صغيرة ومعقولة يمكنك تحقيقها بسهولة.
  • لا تُفكِّر بالأمور التي يصعب تغييرها، واستثمر الوقت والطاقة في تحقيق السعادة والراحة. 
  • ابتعد عن التدخين وتناول الكحول أو تعاطي الممنوعات أو القمار، لما لها من أثر سلبي عى الصحة النفسية والحياة الاجتماعية.
  • ابتعد عن تجاهل مشاعرك، فالتجاهل لا يساعد على اختفاء هذه المشاعر وإنّما يتسبّب في خروجها بطريقة مختلفة وغير سليمة.
  • عبر عن مشاعرك للآخرين ودعهم يشعرون بصعوبة ما تمر به. 
  • تفهم أن السيطرة على المشاعر السلبية لا يأتي دفعة واحدة فقط، ويسبّب اختفاء هذه المشاعر، وإنما قد تتكرّر هذه المشاعر ويمكنك الشعور بها مرة أخرى.
  • تحمل مسؤولية مشاعرك، خاطب نفسك وتعامل معها، فخطاب النفس فعال وقادر على تغيير حالة المشاعر التي يمر بها الإنسان، فمثلًا، أخبر نفسك أنك ستحاول مرة أخرى للوصول لما تريد عند شعورك باليأس، وهذه العادة تتطلب الانضباط والممارسة لتنميتها.
  • أنت لست وحدك، اطلب الدعم النفسي عند حاجتك له.

 

 

وأخيرًا، لا يُمكننا التحكّم بالمشاعر السلبية التي تغمرنا في أوقاتٍ معينة نشهد فيها ظروفًا أو مواقف صعبة، ولكنْ يُمكننا دائمًا التعامل مع هذه المشاعر وعدم الاستسلام لسيطرتها على حياتنا، وانعكاسها سلبًا على إنجاز المهام اليومية، وإذا شعرت بأنّك تعاني من عدم السيطرة على هذه المشاعر يُمكنكَ طلب الدعم النفسي من المختصين لمساعدتكَ على تخطّي ما تعانيه والتخفيف من أثره على حياتك.

 

*** تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى   


 
المراجع 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *