يعدّ التوتر شعورًا طبيعيًّا يظهر في مواقف معيّنة لمساعدة الإنسان على التعامل مع الظروف الصعبة أو تحديات الحياة التي تواجهه، بل ويكون التوتر الخفيف دافعًا للعمل والإنجاز ومحاولة تخطّي الاختبارات بنجاح، ولكن عندما يزداد مستوى التوتر بشكلٍ كبير، أو يُصبح من الصعب التعامل معه والسيطرة عليه، فإنه يكون بذلك سببًا في إعاقة إنجاز المهام والواجبات اليوميَّة، وتعكير صفو الحياة، بل وربما المعاناة من القلق والاكتئاب، وهو ما قد ينعكس سلبًا على المستوى الأكاديمي.

 

ما أعراض التوتر الناجم عن الدراسة؟ 

هي أعراض مختلفة ومتنوعة، وظهور البعض منها لا يعني بالضرورة أنّ الأمر له علاقة بالتوتر المصاحب للدراسة، ولكنّه قد يكون كذلك، ومن هذه الأعراض:

  • الهياج والعصبيّة.
  • فقدان القدرة بالشعور بالمتعة.
  • حدوث اضطرابات في النوم.
  • القلق في مُعظم الأوقات.
  • فقدان السيطرة على المشاعر أمام الآخرين. 
  • صعوبة التركيز.
  • قضم الأظافر أو الشد على الأسنان بدون وعي.
  • حدوث ضيق في التنفس، أو تسارع النّفس.

 

ما العوامل التي تزيد فرصة حدوث التوتر أثناء الدراسة؟ 

ثمّة مجموعة من العوامل قد يواجهها الطالب أثناء دراسته، والتي قد يكون لها دور في تطوّر مشاعر التوتّر المُصاحب للدراسة، من أبرزها:

الضغط الأكاديمي

يتعرّض الطالب لضغطٍ هائل من قِبل الأشخاص المُحيطين به في ما يتعلّق بأمور الدراسة والدرجات الدراسية، والذي قد يكون سببه ضرورة المحافظة على منحة دراسية بتحقيق درجات معينة، أو عدم الرغبة في تخييب ظن الوالدين، أو ربما رفع مستوى الأهداف المتوقَّع إنجازها من الدراسة، أو الخوف من الفشل، أو عدم امتلاك وقت كافٍ للدراسة، أو عدم الثقة بمستوى الدراسة، أو الشعور بالحاجة للتنافس مع الآخرين، وهذا قد يترتّب عليه معاناة الطالب من مشاكل نفسية مختلفة إذا لم يتم السيطرة على توتّره والضغوطات التي يتعرّض لها.

الانتقال للعيش بعيدًا عن المنزل

يُجبَر الطالب أحيانًا على الانتقال من منزله والعيش بعيدًا عن عائلته، وهذا التغيير قد يكون صعبًا بالنسبة لكثيرٍ من الطلاب، ويتسبّب في إثارة مشاعر الحزن والتوتر الشديد لديهم، خاصةً عندما يُدركون بأنَّ المسافة بينهم وبين أصدقائهم وعائلتهم كبيرة، فهذا التغيير يصحبه مسؤوليات جديدة، عدا عن تعلّم كيفية العناية بالنفس والتكيف مع البيئة الجديدة المستقلّة.

الصراعات المالية

تعد التكلفة الباهظة لنظام الدراسة مصدرًا أساسيًّا لشعور الطالب بالتوتر إذا كان يعتمد على نفسه في الدراسة، أو على أسرته ذات الدخل المتدنّي، بل وربما يلجأ البعض لترك الدراسة بسبب الضائقة المادّية التي يواجهها والضغط النفسي الذي يتعرّض له عند إدارة الأموال، فالطالب الجامعي على سبيل المثال يحتاج لنفقات لا تقتصر على رسوم ساعات الدراسة فحسب، فهو بحاجة للسيولة المادية بهدف شراء الكتب والتنقل والإنفاق على نفسه وسَكَنه. 

الصراع مع رفيق السكن

في بعض الحالات يُشارك الطالب زملاء آخرون في السكن، قد تتولد بينهم صراعات ومواقف حادّة في حالة عدم تعاونهم سوية على إنجاح العيش المُشترك ضمن مساحة صغيرة، فالعديد من الأبحاث توصَّلت إلى أنّ هذه النزاعات قد تزيد من حِدة التوتر لدى الطالب، وتتأثَّر علاماته، وتزداد فرصة تركه للدراسة.

العلاقات الاجتماعية

فالعلاقات الاجتماعية المتوترة (سواءً مع العائلة أو الأصدقاء أو الشركاء) قد تؤثر على الأداء الأكاديمي والصحة النفسيَّة إذا لم تُدار بأسلوب صِحي وملائم، وهذا يعني أنّه من الضروري تحديد طبيعة العلاقات المزعجة وتمييزها عن العلاقات المريحة والداعمة، والتعامل على هذا الأساس.

خطط ما بعد التخرج

التفكير في المستقبل وما سيحدث بعد التخرج قد يكون مرهقًا ومخيفًا بالنسبة للطالب، وربما يزيد أيضًا من مقدار التوتر الذي يشعر به في الوقت الراهن، ويُسبّب عدم القدرة على التركيز في الدراسة أو اتخاذ القرارات، وفي هذه الحالة من الضروري إيجاد آليات للتأقلم ملائمة قبل أن تسوء الأعراض.

 

كيف أتعامل مع التوتر الناجم عن الدراسة؟ 

من الطبيعيّ الشعور بالتوتر لفترة قصيرة بسبب التجهيز لمهمّة معيّنة أو التحضير للاختبار، إذْ يُمكنْ تجاوزه بالتواصل مع الأصدقاء والعائلة وأخذ الوقت الكافي للاسترخاء، أو بمجرّد إنهاء المَهمَّة وإتمامها، كما ويُساعدكَ أيضًا اتباع الآتي لتخفيف التوتر الناجم عن الدراسة:

  • تناول غذاء صِحي ومتوازن؛ فهو يساعد على تخفيف التوتر وتجنّب اضطراب المزاج والشعور بالدوار، خاصةً وأنّ التوتر قد يُعيق الالتزام بتناول الطعام الصحي، ومُعظم الطلبة لا يملكون الوقت الكافي للاهتمام بهذا الجانب، ولكنْ، قد يساعدك في ذلك تنظيم وقت الأكل، وتوفير وجبات خفيفة من الفواكه والمكسرات في متناول اليد، وحمل قارورة من الماء، والتخفيف من استهلاك الكافيين.
  • حاول ممارسة الرياضة بانتظام، فقد توصلت الدراسات إلى أنّ ممارسة التمارين الرياضية بصورة منتظمة قد يساهم في تخفيف معدلات التوتر وتحسين المزاج إضافةً إلى تحسين القدرات الذهنية التي يحتاجها الطالب في دراسته، لذلك يُمكنك اختيار المشي أو ركوب الدراجة عند الذهاب إلى الصف، أو تبدأ بممارسة اليوغا الصباحيّة، أو الانضمام لإحدى الصفوف التي تركز على التمرين، ومن الأفضل مراجعة مادّة الامتحان مع صديقك أثناء المشي على جهاز المشي في النادي الرياضي.
  • احرص على النوم بشكلٍ كافٍ يوميًّا؛ بحيث لا تقل عدد ساعات النوم عن 8 ساعات ليلًا، مع أخذ قيلولة خلال النهار عند الحاجة، إذْ وُجد أنّ قِلة النوم قد ترتبط باضطراب المزاج وانخفاض معدل العلامات، وتراجع مستوى التعلّم، وارتفاع خطورة الفشل الأكاديمي، أمّا إذا كنت تعاني من صعوبة الدخول في النوم، قد يساعدك الاستماع لشيء يبعث الراحة في النفس ويساعد على الاسترخاء، مع إبعاد كافّة الأشياء التي تُعيق الاسترسال في نومٍ عميق. 
  • حاول إيجاد الحلول والعمل بها؛ فهم المشكلة هو نصف الحل، فتحديد مصدر التوتر يساعد صاحبه على إيجاد حلول مناسبة للتخلص من مصدر التوتر ذاته، فإذا كانت المشكلة تتعلق بضيق الوقت في فترات الاختبارات فعلى الشخص وضع جداول زمنية لترتيب وقته، كذلك الأمر مع المشكلات المادّية أو العلاقات الاجتماعية. 
  • ابتعد عن التدخين أو استهلاك الكحول أو تعاطي الأدوية غير القانونية، فقد يلجأ البعض إلى هذه العادات السيئة من أجل تخفيف التوتر أو تنشيط القدرات الذهنية، ولكن ما يحدث فعليًّا هو أنها تُفاقِم التوتر، وتقلل جودة الحياة.
  • مارس تمارين التنفس، فهي من الطرق التي تساعد على تخفيف التوتر خلال دقائق معدودة، لذلك نجد أنها مناسبة للسيطرة على التوتر الحادّ الذي يظهر فجأة؛ سواءً قبل الامتحان أو قبل إعطاء عرض تقديمي للطلاب، كذلك فهي تُفيد في السيطرة على التوتر الذي يستمر لفترات طويلة لأيّ سبب كان.
  • نظِّم المهام الدراسيَّة، واحرص على تقسيمها إلى مجموعات ليسهل التعامل معها وتحقيقها على دفعات، سواءً كان الأمر يتعلق بترتيب غرفتك، أو كتابة فقرة من مقالتك، مع الاهتمام في ترتيب المهام حسب الأولويّة.
  • تمرّن على التفكير بإيجابية ودفع الأفكار السلبيّة المُحبِطة، وتوقف عن مقارنة النفس بالآخرين، أو التفكير المفرط في المستقبل. 
  • استمع للموسيقى التي تبعث التفاؤل في النفس أو الاسترخاء، فهي قد تساعد على تخفيف التوتر وتحسين الذاكرة وسرعة الاستجابة، فقد توصلت إحدى الدراسات إلى أنّ سماع الموسيقى الهادئة يساعد على التعافي من التوتر بشكلٍ أسرع. 
  • حاول ممارسة نهج اليقظة الكاملة (Mindfulness)؛ والذي ينطوي على زيادة الإدراك للوقت الحاضر والتركيز عليه، من حيث كيفية الإحساس وملاحظة التفاعل وقبول المشاعر دون إصدار الأحكام عليها، فهذا قد يساعد على الاستجابة للموقف بطريقة أفضل.  
  • تعلم كيف تتعامل مع مصدر توترك، فتقوم بتحديد الأشياء التي تُثير التوتر لديك وتبدأ بتقييم أهميتها، ومحاولة المقارنة بين فوائدها ومضارها على الحالة النفسية، فبالإجابة عن هذه التساؤلات قد تساعد نفسك على التخلص منها، وبالتالي تخفِّف من توترك، كأنْ يستدعي الأمر في بعض الحالات ترك نشاط معين، أو الحدّ من الوقت المستغرق على وسائل التواصل الاجتماعي، أو رفض الاستجابة للأشياء التي تستنفذ وقتك أو طاقتك أو مصادرك.
  • حاول تهيئة نفسك للاختبارات مسبقًا، لذلك حاول الدراسة دائمًا في مكان هادىء ومريح، واستفسر من معلميك حول طبيعية الامتحان، وخُذ وقتًا مستقطعًا خلال الدراسة بهدف الاسترخاء، واطلب المساعدة من صديق أو معلم أو قريب لتوضيح ما يصعب فهمه خلال دراستك.
  • كافىء نفسك؛ فمن الجيّد أنْ تُكافيء نفسك بشيء جميل وتُحبّه بمجرد إنجازك الأهداف التي وضعتها أثناء الدراسة، كأنْ تشاهد التلفاز، أو تخرج لممارسة الرياضة والتمارين.
  • شارك الأشخاص الأعزاء كالأهل والأصدقاء بمشاعرك، فالحديث مع الآخرين يساعد على تخفيف الضغط النفسي، حتى وإنْ كان لايقدم الحلول، وحاول دائمًا توسيع شبكتك الاجتماعية وبناء العلاقات المختلفة مع مدرسين أو مستشارين أو أصدقاء، ولكنْ، تذكر بأنّ العلاقات قد تكون أحيانًا مصدرًا للتوتر، لذلك حاول دائمًا التخلص من علاقاتك السامّة التي لا تُضيف إلى حياتك سوى الضغط والتوتر والقلق.

 

متى يجب طلب المساعدة بسبب التوتر الناجم عن الدراسة؟

يجب زيارة الطبييب أو المستشار النفسي في الحالات الآتية: 

  • مواجهة صعوبة في التعامل مع التوتر. 
  • توقف محاولات مقاومة التوتر. 
  • تأثير التوتر على الأداء الأكاديمي، وممارسة الأنشطة اليومية.

 

وفي الختام، يتعرَّض مُعظم الطلاب لضغوطات نفسيّة عديدة بسبب الدراسة والاختبارات المتواصلة، خاصةً في حال تواجدت مشكلات أخرى تؤثر على الدراسة والتركيز، ولحسن الحظ، العديد من الاستراتيجيات تساعدكَ على تخفيف التوتر والقلق الذي تشعر به قدر الإمكان، ويُمكنكَ أيضًا عدم التردّد في الحصول على المساعدة من المستشار النفسي إذا شعرتَ بعدم القدرة على مواجهة التوتر والتغلب عليه، ولا تنسى بأنّ الضغط النفسي في هذه المرحلة طبيعيّ، بينما ينتظركَ مستقبل جميل وناجح بإذن الله.

 

*** تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى    

 

المراجع: 

 

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *