يشعر بعض الناس برغبة شديدة لتحريك الساقين أثناء الاسترخاء مع أحاسيس مزعجة فيهما، وقد يتكرر هذا الشعور عند الجلوس لفترات طويلة وتزداد حدته عند النوم.. واستنادًا إلى دراسات كثير أُجرِيَت عليه، قام الأطباء بتشخيص هذه الحالة وتصنيفها ضمن الاضطرابات العصبية، وأطلقوا عليها اسم “متلازمة تململ الساقين Restless legs syndrome”..

فما هي متلازمة تململ الساقين (Restless legs syndrome)؟

هي أحد الاضطرابات العصبية التي يصاب بها الناس في مختلف الأعمار سواء كانوا كبارًا أو صغارًا -فليس لها عمر محدد للإصابة-، ويعرف هذا الاضطراب باسم “مرض ويليس إكبوم/ Willis-Ekbom “.. وكما ذكرنا آنفًا، تسبب متلازمة تململ الساقين رغبة شديدة في تحريك الساقين مع بعض الأحاسيس المزعجة فيهما، ويمكن أن تقل هذه الرغبة ويخف الشعور المزعج بشكل مؤقت عند النهوض والحركة أو هزّ الرِّجل..

ما هي أسباب متلازمة تململ الساقين (Restless legs syndrome)؟

من المؤسف أن سبب الإصابة بمتلازمة تململ الساقين (Restless legs syndrome) مبهمٌ وغير معروف في كثير من الحالات، فقد يعيش المصاب في بيئة مليئة بالعوامل المحفزة لظهوره، أو قد يكون هناك استعداد وراثي للإصابة به، إذ يلعب التاريخ العائلي دورًا مهمًّا في حدوث الإصابة، خصوصًا إذا بدأت الحالة قبل سن الأربعين، كما أنه يزداد سوءًا مع التقدم في العمر، وتعد النساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال.. بالإضافة إلى ذلك فقد يصاب به المرء نتيجة لمشاكل صحية أخرى يعاني منها، مثل:

  • الاعتلال العصبي المحيطي، الذي يصيب أعصاب اليدين والقدمين، وقد ينجم أحيانًا بسبب إدمان الكحول أو وجود أمراض مزمنة مثل السكري.
  • خلل في مادة الدوبامين الكيميائية في الدماغ، والتي ترسل رسائل للتحكم في حركة العضلات.
  • نقص الحديد، والذي قد يكون ناتجًا عن وجود تاريخ من نزيف المعدة أو الأمعاء، أو المعاناة من فترات طمث غزيرة، أو التبرع بالدم بشكل متكرر.
  • غسيل الكلى
  • الفشل الكلوي، والذي غالبًا ما ينجم عنه انخفاض ​​مخزون الحديد في الدم وفقر الدم، كما تلعب التغيرات الأخرى للعناصر الكيميائية في الجسم دورًا بالإصابة بمتلازمة تململ الساقين.
  • قصور الغدة الدرقية
  • الاكتئاب
  • الوهن العضلي
  • مرض الشلل الرعاشي
  • الروماتيزم
  • أمراض الحبل الشوكي، والتعرض لتخدير النخاع الشوكي

ولا بد من الانتباه هنا إلى أن الإصابة بإحدى هذه المشاكل الصحية لا يعني بالضرورة الإصابة بمتلازمة تململ الساقين (Restless legs syndrome)، إذ لا يتم تشخيص الإصابة بها إلا عن طريق طبيب مختص.. فإذا ثبتت الإصابة لا بد من الانتباه إلى وجود عوامل أخرى قد تساهم في تفاقم الإصابة بهذه المتلازمة، ومن هذه العوامل:

  • الحمل، وخصوصًا خلال الثلث الأخير من الحمل، إلا أن هذه الأعراض تختفي عادة بعد الولادة.
  • تناول بعض الأدوية، مثل: مضادات الاكتئاب، ومضادات الذهان، وأدوية الحساسية، وأدوية الغثيان.
  • تعاطي بعض المواد، مثل: الكافيين والنيكوتين والكحول.

ما هي أبرز أعراض متلازمة تململ الساقين (Restless legs syndrome)؟ وهل يمكن أن تصيب أعضاءً أخرى إلى جانب الساقين؟

إن أبرز عرض لمتلازمة تململ الساقين (Restless legs syndrome) هي ظهور رغبة لا تُقاوم بتحريك الساقين، خصوصًا في وضعيات وأوقات الراحة، وكما ذكرنا سابقًا فهذه الأعراض تتفاقم بشكل رئيسي عند النوم.. كما يمكن أن تصيب هذه المتلازمة الذراعين والرأس ولكن أعراضها تكون أخف في هذه الأعضاء.

تتراوح الأعراض الأخرى المصاحبة للمتلازمة بين الخفيفة (التي تظهر وتختفي) إلى الشديدة ( التي يمكنها تعقيد أبسط الأنشطة)، وتشمل الأعراض بشكل عام على:

  • وجود أحاسيس مزعجة في الأطراف، مثل الشعور بالزحف، أو السحب، أو الخفقان، أو الحكة، أو النخر، أو الوخز، أو الألم، أو الحرقان، أو الشد في الساقين.. وعادة ما تصيب كلا جانبي الجسم، ولكنها يمكن أن تصيب جانبًا واحدًا فقط.
  • ارتعاش الساق عند ترافق متلازمة تململ الساق مع حالة أكثر شيوعا تسمى بـ “حركة الأطراف الدورية أثناء النوم”، والتي تسبب هذا الارتعاش والركل، والذان قد يستمران طوال فترة النوم.
  • صعوبة النوم أو الرغبة بالاستمرار في النوم؛ والذي يؤدي إلى النعاس المفرط والإرهاق أثناء النهار.

هل يمكن لهذا الاضطراب أن يسبب مضاعفات أخرى؟

كأغلب الاضطرابات الأخرى، فقد تتسبب متلازمة تململ الساقين (Restless legs syndrome) ببعض المضاعفات الجانبية، وبطبيعة الحال فإن هذه المضاعفات تختلف من شخص لآخر تبعًا للعوامل المسببة للإصابة بالمتلازمة ولدرجة شدة الإصابة بها، ومن هذه المضاعفات حصول تغير في السلوك (كالغضب، وتقلب المزاج، وصعوبة التركيز، وما إلى ذلك)، بالإضافة إلى صعوبة ممارسة الأنشطة اليومية بسبب اضطراب النوم الذي يرافق كثيرًا من حالات الإصابة بمتلازمة تململ الساقين.. وكل هذه المضاعفات قد تؤدي -مع المتلازمة- إلى انخفاض جودة الحياة والإصابة بمشكلات صحية أخرى إذا لم يتم معالجتها، كالاكتئاب والقلق وغيرهما.

كيف يتم تشخيص الإصابة بمتلازمة تململ الساقين (Restless legs syndrome)؟

لا يوجد اختبار معين يمكنه تأكيد أو استبعاد متلازمة تململ الساقين (Restless legs syndrome)، لذلك يعتمد التشخيص على وصف المريض للأعراض التي يشعر بها إلى جانب أي شكوى صحية أخرى، وهنا قد يقوم الطبيب بطلب فحوصات أخرى جسدية أو عصبية أو مخبرية، مع طرح بعض الأسئلة اللازمة للتأكد من التشخيص الصحيح، ولذلك فالتشخيص هو مهمة ومسؤولية الطبيب وحده ولا يمكن اعتماد أي تشخيص بمجرد قراءة أعراض المتلازمة وأسبابها.

هل هناك علاج معين يتم وصفه للمصابين بمتلازمة تململ الساقين (Restless legs syndrome)؟

ليس هناك علاج واحد يوصَف لكل حالات الإصابة بالمتلازمة، إذ يتم وصف العلاج حسب الحالة الرئيسية المًسببة لها، وقد يختلف العلاج وجرعاته بناء على شدة الإصابة بالمتلازمة.

وينقسم العلاج إلى ما يلي:

  • وصف مكملات الحديد عن طريق الفم أو الوريد في حالة نقص الحديد، وذلك تحت إشراف طبي وبعد فحص مستوى الحديد في الدم.
  • عندما تكون الأعراض خفيفة أو عند عدم ارتباط المتلازمة بأي حالة طبية أخرى، يمكن اتباع خطوات الرعاية الذاتية البسيطة التي تتضمن إجراء تغييرات في نمط الحياة لتساعد على تخفيف أعراض المتلازمة، ومن هذه التغييرات الحياتية ما يلي:
  • اتباع عادات نوم جيدة، كالحصول على 7 ساعات على الأقل من النوم، مع توفير بيئة باردة وهادئة ومريحة للنوم، إضافة إلى الذهاب للفراش والاستيقاظ في نفس الوقت يوميًا، ما يساعد على تنظيم ساعات النوم والحصول على نوم هانئ، فالتعب والإرهاق يزيد من سوء أعراض المتلازمة.. ومن العادات التي تساهم في تحسين جودة النوم أن يتم تجنب القيام بالأنشطة التي تتطلب التركيز قبل النوم مثل القراءة، كما يُنصَح بتجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم كالتلفاز أو استخدام الهاتف أو الحاسوب.. ولأن الحديث عن متلازمة تململ الساقين فمن المفيد القيام بتدليك الساقيين أو الاستحمام بماء ساخن قبل النوم مباشرة، ثم النوم مع وضع وسادة بين الساقين والتأكد من إغلاق الستائر لحجب الإضاءة الخارجية، فقد يساعد ذلك في إراحة الأعصاب ومنع تحفيز أعراض المتلازمة.
  • –       تقليل مستويات التوتر وممارسة الأنشطة والتقنيات التي تعمل على الاسترخاء، مثل تمارين اليوغا أو التأمل، أو التدليك أو العلاج بالإبر أو تمارين الإطالة الخفيفة أو نقع الساقين في حوض ماء دافئ.. مع مراعاة أن هذه العلاجات الطبية البديلة لا تغني عن العلاجات الطبية الموصوفة من قبل الطبيب -حسب التشخيص-، ولا يُنصح باستخدامها دون إشراف طبي، إذ يجب إعلام الطبيب عنها قبل تناول أي دواء أو الخضوع لجراحة.
  • الحد من تناول التبغ والكحول، والمنتجات التي تحتوي على الكافيين، مثل الشاي والقهوة والمشروبات الغازية والشوكولاتة وبعض الأدوية.
  • ممارسة الرياضة بانتظام، مثل المشي وركوب الدراجة الهوائية والسباحة، مع مراعاة تجنب التمارين الشاقة في وقت متأخر جدًا من اليوم.
  • محاولة تحديد أوقات الأنشطة التي تتطلب الجلوس لفترات طويلة لتكون في وقت مبكر من اليوم وبعيد قدر المستطاع عن موعد النوم، مثل الذهاب في رحلة بالسيارة أو الجلوس في السينما أو غيرها.
  • اتباع عادات غذائية صحية ومتوازنة، كمحاولة الاستغناء عن الأطعمة المصنعة ذات السعرات الحرارية العالية والأطعمة ذات القيمة الغذائية القليلة أو المعدومة، ويمكن استبدال هذه الأطعمة بأخرى غنية بالحديد (بما أن المصاب بهذه المتلازمة يعاني من نقص في مخزون الحديد غالبًا)، كالخضراوات ذات الأوراق الخضراء الداكنة، والبازيلاء، والفاكهة المجففة، والفول، واللحوم الحمراء، والدواجن والمأكولات البحرية؛ والأطعمة المدعمة بالحديد مثل بعض الحبوب والمعكرونة والخبز؛ بالإضافة إلى تعزيز امتصاص الجسم للحديد عبر إقرانه بالأطعمة الغنية بفيتامين سي.
  • وضع كمادات دافئة أو باردة أو فرك الساقين لتوفير الراحة المؤقتة.
  • استخدام لفاف القدم أو وسادة الاهتزاز للتخفيف من الأعراض وتوفير الراحة.
  • عندما تكون الأعراض شديدة أو متكررة، قد يقوم الطبيب بوصف الأدوية لتساعد في ضبط الأعراض والتحكم بها وتقليل مستويات التململ في الساقين، وتشمل خيارات الأدوية على:
  • الأدوية التي تزيد من الناقل العصبي “الدوبامين”، حيث تتحكم هذه الأدوية في أعراض المتلازمة وتساعد على تقليل حركة الساقين.
  • مساعدات النوم ومرخيات العضلات، والتي تساعد على النوم بشكل أفضل في الليل.
  • المواد الأفيونية، التي تعمل على التقليل من الألم والأحاسيس المزعجة وتساعد على الاسترخاء، وتستخدم بشكل أساسي لتخفيف الأعراض الشديدة، أو إن لم تكن الأدوية الأخرى فعالة بشكل كافٍ.
  • -مضادات الاختلاج، وهي تقلل الاضطرابات الحسية عن طريق إبطاء أو منع إشارات الألم من الأعصاب في الساقين.

وقبل تحديد العلاج المناسب للإصابة، سيتناقش الطبيب مع المريض في العلاج الأفضل له، وسيقوم بتعديل الدواء والجرعة حسب ما يستجد من تغيرات في الأعراض.. ولذلك يجب تجنب تناول الأدوية أو التوقف عنها دون استشارة الطبيب المعالج، حيث أنه وحده المسؤول عن تحديد العلاج المناسب لكل حالة.

كيف يمكن للمصاب بمتلازمة تململ الساقين (Restless legs syndrome) أن يتأقلم معها؟

هناك طرق بسيطة وغير معقدة يمكن للمصاب اتباعها لتساعده على التأقلم مع هذه المتلازمة، ومنها:

  • مشاركة الآخرين معلومات حول حالته ليمكّنهم من فهم بعض تصرفاته بشكل أفضل (مثل المشي في مكان ما عدة مرات على مدار اليوم).
  • عدم قمع الرغبة في الحركة لكي لا تزداد الأعراض سوءًا.
  • الاحتفاظ بمفكرة عند النوم لكتابة كل ما يعيق أو يساعد حالته، ليزوّد الطبيب بمعلومات كافية عنها.
  • ابتداء واختتام اليوم بتمارين الإطالة أو التدليك اللطيف.
  • طلب المساعدة والانضمام إلى مجموعات الدعم المخصصة للأشخاص الآخرين المصابين بمتلازمة تململ الساقين.

 ***تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى

المراجع:

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *