يؤكد الأطباء دائمًا على أهميّة الالتزام بأخذ الدواء بالطريقة الصحيحة تحت إشراف الفريق الطبي، من أطبّاء وممرّضين وصّيادلة، فأحيانًا ينجم عن استخدام بعض الأدوية حدوث مشاكل ومضاعفات صحيّة مختلفة الشِّدة، كما في حالة الإصابة بمتلازمة السيروتونين، والتي سيدور الحديث عنها في هذا المقال.

ما هي متلازمة السّيروتونين؟

في البداية، لا بدّ من معرفة ماهيّة السيروتونين (Serotonin)، فهو عبارة عن ناقل عصبي يُنتجه الجسم بشكلٍ طبيعي، والذي يساعد الدماغ والخلايا العصبية على التواصل مع بعضها لأداء وظائف معيّنة، أهمها المساعدة على تنظيم عمل الذّاكرة، والمزاج، والنّوم، والشّهيّة، وعمليّات الهضم، ودرجة حرارة الجسم، وتدفق الدّم، والرّغبة الجنسيّة.

وتعدّ متلازمة السّيروتونين (Serotonin Syndrome) واحدةً من التفاعلات الدّوائيّة الشديدة التي تظهر على صورة فرط نشاط عصبي عضلي، وتغيرات في الحالة الذهنية، وفرط نشاط لاإرادي، جرّاء تراكم كميات كبيرة جدًّا من السيروتونين في الجسم، وحدوث نشاط شديد في الخلايا العصبية، ويعود السّبب في حدوث هذه المتلازمة إلى استخدام دواء معين أو مجموعة من الأدوية.

ما هي أسباب الإصابة بمتلازمة السّيروتونين؟

كما بيّنّا سابقًا، يعدّ المسبّب الرّئيسيّ للإصابة بمتلازمة السّيروتونين هو تراكم مادّة السيروتونين في الجسم؛ وقد يحدث ذلك في إحدى الحالات الآتية:

  • زيادة حساسيّة المصاب للأدوية التي تزيد مستويات هذا الناقل العصبي في الجسم.
  • زيادة جرعة الأدوية المضادّة للاكتئاب، أو بدء استخدام نوع من الأدوية الجديدة.
  • تناول أكثر من دواء يؤثّر على نسبة السّيروتونين.
  • تناول المكمّلات الغذائيّة أو الأعشاب أو الأدوية التي ليست بحاجة لوصفة طبّيّة عند صرفها مع إحدى الأدوية التي تؤثّر على مستوى السّيروتونين.

و من الأدوية والمكمّلات الغذائيّة التي تؤثّر على مستويات السّيروتونين وقد تكون المسؤولة عن حدوث متلازمة السيروتونين:

  • مثبّطات استرداد السّيروتونين الانتقائيّة(SSRIs) ؛ مثل دواء سيتالوبرام (Citalopram)، وفلوكسيتين (Fluoxetine)، وفلوفوكسامين (Fluvoxamine)، وإسيتالوبرام (Escitalopram)، وباروكسيتين (Paroxetine)، وسيرترالين (Sertraline) .
  • مثبطات استرداد السيروتونين-نورإبنفرين (SNRIs)؛ مثل دواء ديسفنلافاكسين (Desvenlafaxine)، وليفوميلناسيبران (Levomilnacipran)، وميلناسيبران (Milnacipran)، ودولوكستين (Duloxetine)، وفينلافاكسين (Venlafaxine) .
  • مثبّطات الأوكسيداز أحادي الأمين(MAOIs) ؛ مثل إيزوكاربوكسازيد  (Isocarboxazid)، وفينيلزين (Phenelzine) .
  • مضادّات الاكتئاب ثلاثيّة الحلقات(TCAs) ؛ ومنها دواء أميتريبتيلين (Amitriptyline)، ونورتريبتيلين (Nortriptyline) .
  • بوبروبيون (Bupropion)؛ وهو أحد مضادّات الاكتئاب، وقد يُستخدم أيضًا في حالات الإقلاع عن التّدخين.
  • الأدوية المضادة للصداع النصفي أو الشقيقة(Anti-Migraine Medications) ؛ مثل كاربامازيبينCarbamazepine) )، وحمض الفالبرويك (Valproic acid)، وناراتريبتان (Naratriptan) ، وسوماتريبتان (Sumatriptan)، وألموتريبتان (Almotriptan).
  • مسكّنات الألم الأفيونيّة(Opioids) ؛ ومنها الكوديين(Codeine) ، وفينتانيل (Fentanyl)، وهيدروكودون (Hydrocodone)، وميبيريدين (Meperidine)، وأوكسيكودون (Oxycodone) ، وترامادول (Tramadol).
  • الليثيوم(Lithium) ؛ وهو مثبّت مزاج، يستخدم في علاج بعض أنواع الصّرع.
  • مضادات الاختلاج (Anticonvulsive medications)، مثل دواء حمض الڤالبرويك (Valproic acid)، وكاربامازيبين (Carbamazepine).
  • أدوية الغثيان(Anti-Nausea Medications) ؛ ومنها دواء جرانيسترون (Granisetron)، وميتوكلوبراميد (Metoclopramide)، ودروبيردول (Droperidol)، وأوندانسيترون (Ondansetron) .
  • مثبّطات السّعال(Cough Suppressants) ، خاصّةً التي تحتوي على الدّيكستروميثورفان (Dextromethorphan).
  • الأعشاب والمكمّلات الغذائيّة؛ مثل نبتة القدّيسين(St. John’s Wort) ، والجنسنغ (Ginseng) ، وجوزة الطّيب(Nutmeg) .
  • المخدّرات غير المشروعة؛ أهمها مادّة ثنائي إيثيلاميد حمض الليسرجيك (LSD)، والايكستاسي (Ecstasy)، والكوكائين (Cocaine)، والأمفيتامينات (Amphetamines) .
  • ريتونافير (Ritonavir)؛ والذي ينتمي لمجموعة مضادّات الفيروسات، ويستخدم في علاج الإصابة بعدوى فيروس نقص المناعة البشريّ.
  • لينيزوليد (Linezolid)؛ وهو من الأدوية المضادّة للبكتيريا.

ما هي أعراض الإصابة بمتلازمة السّيروتونين؟

عادةً ما يبدأ ظهور الأعراض خلال بضع دقائق إلى ساعاتٍ عِدة من تناول جرعة زائدة أو دواء إضافيّ يؤثر على السيروتونين، ولكنّها في مُعظم الحالات تظهر خلال 24 ساعة وليس أكثر من ذلك، ومن الأعراض التي تُصاحب حالات متلازمة السّيروتونين:

  • اتّساع حدقة العين.
  • جفاف الفم.
  • الغثيان والتّقيّؤ. 
  • التّعرّق الزّائد.
  • تغيّر ضغط الدّم، وعادةً ما يكون ارتفاعًا في الضّغط.
  • تسارع نبضات القلب.
  • الإسهال.
  • تشنّج العضلات.
  • الارتباك والتّشوّش.
  • القلق والأرق.
  • التّهيّج والضّجر.
  • الصّداع الشّديد.
  • فقد القدرة على التّحكّم في العضلات أو ارتعاش الجسد.
  • القشعريرة.
  • الهلوسة.

كما تظهر بعض الأعراض الخطِرة لهذه المتلازمة والتي تستدعي التّدخّل الطّبيّ المباشر كونها قد تُهدّد الحياة، ومن أهمها:

  • ارتفاع درجة حرارة الجسم لأكثر من 41 درجة مئوية.
  • الهذيان (Delirium).
  • تصلّب العضلات.
  • فقدان الوعي.
  • النوبات التشنجية (Seizures).
  • عدم انتظام نبض القلب.

كيف يتمّ تشخيص الإصابة بمتلازمة السّيروتونين؟

يتمّ تشخيص الإصابة بمتلازمة السّيروتونين بدايةً باستبعاد الحالات التي تتشابه أعراضها مع أعراض المتلازمة، مثل:

  • التّحسّس من أحد الأدوية؛ خاصّةً الأدوية المضادّة للذّهان(Anti-psychotics)  ومواد التخدير(Anesthetics) .
  • ظهور الأعراض الانسحابيّة الشّديدة للكحول.
  • أخذ جرعة زائدة من إحدى الأدوية أو المخدرات.
  • تضرّر الأعضاء النّاجم عن تعاطي المخدّرات.
  • الإصابة بتسمم الدم، أو ضربة الشمس أو التهاب الدماغ.

فغالبًا ما يقوم الطبيب بالآتي:

  • إجراء فحص جسديّ عام.
  • أخذ التّاريخ المرضيّ أو الصحي للشّخص، والسؤال عن الأدوية أو المكملات أو الأعشاب التي يتناولها في الوقت الراهن.
  • طلب إجراء فحوصات معينة، مثل؛ تحليل الدم والبول، وتصوير الصدر بأشعّة إكس (X-rays)، وعمل التصوير المقطعي المحوسب (CT scan)، والبزل القطني (Lumbar puncture).‏
  • التأكّد من عدم إصابة الفرد بالالتهابات البكتيريّة أو الفيروسيّة.
  • فحص مستويات الأدوية والمخدّرات في الدّم.
  • فحص الأعضاء الأكثر احتمالًا للتّعرّض للضّرر بسبب المتلازمة.

ما هي مضاعفات متلازمة السّيروتونين؟

بشكلٍ عام، لا تظهر أيّة مشكلات أو مضاعفات في الجسم بمجرّد علاج المشكلة وعودة مستويات السيروتونين إلى وضعها الطبيعي، ومع ذلك، تعدّ متلازمة السّيروتونين واحدة من أخطر تفاعلات الدّواء السّلبيّة؛ لحدّة المضاعفات التي قد تنتج عنها وتلف الأعضاء الدائم الذي قد يحدث في حالة عدم معالجة الحالات شديدة الخطورة مباشرة، والتي ربما تودي بحياة المُصاب.

ويُذكر بأنّ كافّة مضاعفات هذه المتلازمة تحمل خطورة وتُهدّد الحياة، ومن أهمها:

  • النوبات التشنجية(Seizures) .
  • انحلال الرّبيدات(Rhabdomyolysis) ؛ وهو تحلّل العضلات الهيكليّة الذي يؤدّي إلى انتشار مكوّنات العضلات إلى الدّم، وهذا قد يهدّد حياة المصاب.
  • البيلة الميوغلوبينيّة(Myoglobinuria) ؛ وهي حالة ظهور بروتين الميوغلوبين (Myoglobin) في البول غالبًا بسبب تكسر العضلات، ممّا قد يؤدّي إلى إحداث ضرر في الكلى.
  • الحماض الأيضي(Metabolic Acidosis) ؛ المُمثَّل بارتفاع الحمض في الجسم بسبب فشل الكلى أو تضرّرها.
  • فشل الكلى.
  • متلازمة الضّائقة التّنفّسيّة الحادّة(Acute Respiratory Distress Syndrome) .
  • فشل الجهاز التّنفّسيّ.
  • التّجلّطات.
  • الغيبوبة.

متى أراجع الطبيب؟

تذكّر أنّ عليك زيارة الطّوارىء أو إخبار الطبيب على الفور في حال ظهرت عليكَ إحدى أعراض متلازمة السّيروتونين، وكنت:

  • قد بدأت لتوّك بتناول إحدى الأدوية التي يُعرَف بأنها تزيد مستوى السّيروتونين.
  • تأخذ دواء يؤثر على مستوى السيروتونين بجرعة أكبر؛ لأنّ الطبيب قام بزيادة الجرعة المعتادة منه.
  • تتناول أكثر من دواء يؤثّر على السّيروتونين، أو مكمّل غذائيّ أو نوع من المخدّرات يؤثر على هذا الناقل العصبيّ.
  • تعاني من إحدى أمراض الكلى المتقدّمة.

كيف يتمّ علاج متلازمة السّيروتونين؟

يعتمد علاج متلازمة السّيروتونين على حدّة أعراض المتلازمة التي تظهر على المُصاب، فمثلًا، حالات متلازمة السيروتونين الخفيفة تزول فيها الأعراض من تلقاء نفسها خلال يوم إلى يومين من وقف الأدوية التي سبّبت الأعراض، لذلك يجب الاهتمام بمراقبة المصاب لستّ ساعاتٍ على الأقلّ بعد ظهور الأعراض، وفي حال كان عمر الدّواء في الجسم طويل، فإنّه يحتاج وقتًا أطول حتى يزول كليًّا من الجسم، قد يصل إلى أسابيعَ عِدّة.

أمّا إن كانت الأعراض خطِرة، فلا بدّ من إدخال المصاب إلى المستشفى لتلقّي العلاج المناسب تحت المراقبة وحتى يتحسّن وضعه، ويوصي الطبيب غالبًا بضرورة الانسحاب فورًا من استخدام الدواء الذي يُسبّب الأعراض، وبعد ذلك، يعتمد في اختياره للعلاج على استجابة المريض له وعلى طبيعة حالتة وشِدّتها، ومن الوسائل العلاجية المتّبعه في هذه الحالة:

  • الأكسجين والسّوائل الوريديّة؛ فمن الضروريّ المحافظة على الأكسجين المتوفّر في الدّم، وتجنّب الإصابة بالحمّى والجفاف.
  • الأدوية التي تتحكّم بضغط الدّم ونبضات القلب؛ فإعادة ضغط الدّم ونبضات القلب إلى الوضع الطّبيعيّ وبسرعة يعدّ أمرًا مهمًّا وضروريًّا، يساهم في تجنّب حدوث المضاعفات التي قد تؤذي المصاب.
  • مرخيات العضلات؛ فهي تساعد على تحسين حركة العضلات وتخفيف حالة التّهيّج والتّشنّج العضليّ.
  • مضادّات السّيروتونين(Serotonin Antagonists) ؛ التي تعمل على وقف إنتاج السّيروتونين، وهي الأدوية التي تستخدم في حالة فشل الأدوية الأخرى في العلاج.
  • أنبوب تنفس وجهاز وأدوية لشلّ العضلات، والذي قد يحتاجه الشخص في بعض الحالات.

وأخيرًا، احرص دائمًا على إخبار الفريق الطبيّ بما تتناوله من أدوية أو مكمّلات أو مواد قبل البدء باستخدام أيْ دواء جديد، فأحيانًا تتأثّر النواقل العصبيَّة في جسمك ويُسفر عن ذلك ظهور أعراض شديدة، تستدعي التدخل الطبيّ لأنها قد تُهدّد حياتك، وكُن دائمًا على تواصل مع الطبيب أو الصيدلاني لإعطائهم أيَّة ملاحظات حول أعراض أو مشكلات أو ردود فعل تعانيها وتحتاج الاستشارة في أقرب فرصة دون إهمال، واحرص أيضًا على معرفة أعراض متلازمة السيروتونين إذا كنتَ تتناول أكثر من دواء يؤثر على مستوى السيروتونين في آنٍ واحد، فهذا يساعدك على مراقبتها، وابتعد كلّ البعد عن تعاطي المخدرات والمواد غير القانونية لما لها من أضرار كبيرة على صحّتك. 

*** تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى   

المراجع:

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *