قَدْ يُواجِهُ البعض صعوبةً في قولِ كلمةِ “آسف” بعدَ خوضِ شجارٍ أو ارتكابِ خطأٍ مُعينْ في حقِّ الآخرين، رغمَ أنَّها كلمَةٌ سهلة، ولَنْ يَسْتَنْفِذَ نُطقُهَا طاقةَ الجسَدِ أو العَقل، ومَعْ ذلك، يَجِدُ الكثيرُ مِنَ الأشخاص أنَّ الاعتذارَ للآخرين صعبٌ وثقيل، فما الذي يمنعُنا مِنَ الاعتذارِ عِندَ ارتكابِ الخطأ؟ وكيفَ يمكنُنا الاعتذارُ بطريقةٍ صحيحة؟ سنتعرف على معلوماتٍ أكثرَ تخص ثقافَةِ الاعتذار ضمنَ محاوِرِ هذا المقال.  

لماذا لا نعتذِرُ عِندَ ارتكابِ الخطأ؟

بينما نسيرُ في الخارِجْ على رصيفِ الشارع، قد نصطَدِمُ بِأَحدِهِمْ عَنْ طريقِ الخَطَأ، ونتَفَوَّهُ بكلمةِ “آسف” دونَ تفكيرٍ أو تَمَعُّنْ في الموقِفْ، ولكِن يُصبِحُ الأمرُ مختلِفًا عندما يتعلَّقُ بقولِ هذهِ الكلِمَةِ في بعضِ المواقِفِ التي نمُرُّ فيها في حياتِنا، فقَد نَعجَزُ عَنْ الاعتذارِ والتَأَسُّفِ رُغْمَ يقينِنا القاطِع بِأَنَّنَا قَدْ وقَعنَا في الخطأ، فبدلًا من تقديم اعتذارٍ صادِقٍ مِنَ القلبْ بِبَساطة، نبدَأُ في تقدِيمِ التبريراتِ والأعذار، أو لَومِ الطرَفِ الآخرِ واتِهامِه، أو إنكارِ ارتكابِ أيِّ خطأ مِنَ الأسَاسْ، أو ربما نَميلُ إلى مُحاولَةِ تحقيرِ الموقِفْ والاستِخفافِ بِمقدارِ الضررِ النفسيِّ أو الجسديّ الذي صدرَ عنَّا، ومِنَ الأسبابِ التي قَدْ تَدْفَعُنَا إلى رَفْضِ الاعتذار:

– حمايةُ أنفسِنا مِنَ المشاعِرِ المُؤلِمَةِ: فَقَدْ يكونُ العائِقُ أمَامَ تقدِيمِ الاعتذار يتعلَّقُ بشعورٍ نفسيّ، ويتعدَّى كونَهُ مُجرَّدُ غُرُورٍ ورغبَةٍ في الدِفاعِ عَنْ النَفْس، إلى كونِهِ يَعكِسُ الرَغْبَةَ فِي حِمايَةِ الصورةِ الهَشَّة التي نَراها في ذواتِنَا، أو الرغبَة في تَجَنُّبِ مَخَاوِفٍ مُعَيَّنَةٍ بوعيٍ مِنَّا أو مِنْ غَيْرِ وَعيٍ وإدراكٍ كامِلْ.

– مُحاولَةُ التَحَكُّمِ فِيْ العواطِف: إذا أنَّ مشاعِر الهِياج والعصبيَّة ووضعِ المسافةِ العاطِفيَّةِ مَعَ الغَيْر بالنسبَةِ إلى الأشخاصِ الذينَ يرفُضُونَ الاعتِذار، تُوفِّرُ راحةً أكبَر مُقارَنَةً بِمَا يَترَتَّبُ عَلَىْ التَقارُبِ العاطِفيْ والضَعْفَ مِنْ ألمٍ وحُزنٍ شديدَيْن، فَقَدْ يَجِدُ البَعْض أنَّ خَفْضَ جِدَارِ الدِفاعَاتِ قليلًا، يعني انهيارَ الحواجِزِ العاطِفِيَّة، وفَتْحَ البَابِ عَلَىْ مِصرَاعَيه لِمشاعِرِ الحُزْنِ واليَأسْ، والإِحساسِ بالعَجْزِ وعَدَمَ القُدْرَةِ عَلَىْ التَحَكُّمِ والسيطَرَةِ، وعَلَىْ العَكْسِ مِنْ ذلِكْ، فإنَّ الانفِتاحَ بِهَذِهِ الطريقَةِ مَهْمَا كانَ مُؤْلِمًا، يُساعِدُ عَلَىْ حُدُوثِ التَقارُبِ العاطِفِيّْ وزيادَةِ عُمْقِ الثِقَةِ تِجاهَ الشَخْصِ الآخر، والرِضا عَنْ العَلاقَةِ بِشَكلٍ كَبيرْ.

– طبيعَةُ النظرةِ إلى الذات: إذ يَرىْ الأشخَاصَ أنفُسَهُمْ بِأَنَهُمْ أناس يَتمتَعونَ بِقَدْرٍ عالٍ مِنَ الخُلُقْ، وهذا يعني بالنسبَةِ لهُم أنَّ ارتكابَ الأخطاء يُشوِّشُ صُورَتَهُمْ الذاتيَّة الإيجابيَّة التي يُصورُونَها عَنْ أنفُسِهِمْ، كذلِكَ يُهدِّدُ احترامَهُمْ لِذاتِهِمْ، والاعتِرافَ بارتكابِ الخَطَأْ يُفاقِمُ المَشاعِرَ السيِّئَةِ لدَيْهِمُ وإحسَاسَهُمْ بِالذَنْب، ويُسَلِّطُ الضُوءَ عَلَىْ الخَطَأِ الذي حَدَثَ بالفِعْل. 

– إساءَةُ الحُكمِ عَلَىْ النَفْس: إذْ يُمكِنُ القول بِأَنَّ رَفَضْ الاعتِذَار قَدْ يَعنِي مُواجَهَةَ الشَخص صُعوبَةً فِيْ فَصْلِ أفْعَالِه عَنْ شَخْصِيَّتِه، والتَمْيِيزِ بينَهُما، فَهوَ يَعتَقِدُ بِأَنَّ الفِعْلَ السَّيِء الذي يَصدُرُ عَنهُ يَعنيْ أنَّهُ بالضرورَةِ شَخْصٌ سيِء، وإهماله أُمُورًا مُعيَّنَة يَعنِي أنَّهُ أنَانِيّ وغَيْرَ مُبالي، وارتكابه الأخطَاءَ يَعنِي أنَّهُ غَبِيٌ وَجَاهِلْ وَلا يَتَمَتَّعُ بالذكاءِ وسُرعَةِ البَدِيهَةِ.    

– التَفكِيِرُ فِيْ العواقِبِ بِشَكْلٍ خاطِىء: فَعَلَىْ الرُغْمِ مِنْ أنَّ الاعتِذارَ يُساهِمُ فُيْ تَخفِيفِ الشُعورِ بِالذَنبْ عُندَ الشخْصِ المُخْطِئ، فَإِنَّ ما يَقِفُ فِيْ طَريقِ الاعتِذار هُوَ تَوَقُّعُ الإحساسِ بِالضَعْفِ والإهانَةِ والهَزِيمَةِ بَعْدَ الاعتِذار، كَذلِكَ الاعتِقادُ بِأَنَّ الاعتِذَار سوفَ يَفتَحُ بابَ اللَّومِ والاتِهاماتِ والجِدَال، واستِرجَاعِ الأخطَاءِ السابِقَةِ وتَذَكُرِهَا مَرَّةً أخْرَّىْ.

– تحمّل المسؤوليّة بالكامل: بعدَ الاعترافِ بالخطَأ والاعتِذارِ، وسقوطِ تَحَمُّلِ المسؤوليَّةِ عن باقي الأطرافِ المشتركة في ارتكابِ الخطَأ، فإنَ الشخصَ الذي يُقدِّمُ الاعتِذارَ بِسبَبِ خطأٍ ارتَكبَهُ يَخشَى أنَّ بِمسارعَتِه إلى الاعتِذار قَبْلَ البَقِيَّةِ سيكونُ الخاسِرَ الوحيد، ويُلقَى عليهِ مُعظَمُ اللومْ فٍيْ ارتكابِ الخطَأ، هُنا رُبمَا يتملَّكُهُ شعورُ العار وليسَ شعورَ الذَنب، فهو ينظرُ إلى نَفسِهِ وذاتِه نَظرَةً سيئةً بدلًا من توجيهِ الاهتمامِ والتركيزِ عَلَىْ التصرُّفِ الخاطِئ الذي صَدَرَ عَنهْ.

– عدمُ الشعورِ بِجدوى الاعتِذار والهدف الإيجابِّيُ مِنه: فَقَدْ يتجنَّبُ بَعضُ المخطئين الاعتِذار بِبَساطَةٍ لاعتقادِهِم أنَّهُ لَنْ يُقَدِّمَ أيَّ نفعٍ أو قيمةٍ للموقِفِ الذي حَدثْ، ولَنْ يُصلِحَ الضَّررَ بَعدَ وقُوعِهِ، كذلِكَ لَنْ يُمكِّنَهُم مِنَ الحصولِ عَلىْ السماحٓ والغُفرَانْ. 

– جَهْلُ الشخصِ بضرورَةِ تقديمِ الاعتِذار في موقفٍ معيّن: يَنبُعُ ذلِكَ مِنَ اعتقادِه أنَّ المُشكِلةَ تَكمُنُ فِيْ التفكيرِ غيرِ المنطقِيّ لَدَىْ الطرَفِ الآخَرْ، ولا يقعُ عليهِ اللَومُ أبدًا، فإذا كانَ هذا هو السيناريو الذي يَحدُثُ بالفِعْل، فإنَ الجلوسَ ومناقشَةَ المَوقِفِ بِهدوء سوفَ يُساعِدُ عَلَىْ توضيحِ الأمورِ بشكلٍ أكبَر، وَفَهْمِ طبيعَةٓ التَصرفاتِ والكلِماتِ التي تُسَبِّبُ الأذى للآخرين، حتى وإنْ لَمْ تُؤثِر هذهِ السلوكيَاتُ عليه، واتخاذِ القرارِ بشأنِ تقديِمِ الاعتِذار بناءً عَلَىْ فَهْمِ كامِلِ الموقِفْ.  

ما هيَّ أهميَّةُ الاعتِذار؟

يُعدُّ الاعتِذار مِنَ الطُرُقِ العلاجيَّةِ القادِرَةِ عَلَىْ زيادَةِ القوَةِ الداخليَّة وبناءِ الشخصيَّة، وتعزيزِ التقارُب بينَ الأفرادِ وتَقويَةِ الروابِط فيمَا بينَهَم، ومَنحِ الشعورِ بالثِقةِ والرِضَا فَيْ العلاقَاتْ، ولا يُعبِّرُ أبدًا عَنْ الضَعْفِ والخسارَةِ، والاعتِقادِ بأنَّهُ سَيتَسَبَّبُ فِيْ إثارَةِ مشاعِرِ الألَم والضَّرَرْ والعَجْز اعتقادٌ في غير محلّه.

وإضافةً إلى ما سَبَقْ، إنَّ الاعتِذار هو انتصارٌ يَرفَعُ مِنْ شَأنِنا أمَامَ الآخرين ويِساعِدُنَا عَلَىْ الظَهورِ بِصورَةٍ قَويَّةٍ ومُتَمَكِّنَة، ويُتيِحُ الفُرصَةَ فِيْ استلامِ زِمَامِ الأمُور وتَحَمُّلِ المسؤوليَّةِ، ويُساهِمُ فِيْ الحِمايَةِ مِنَ التَعَرُّضِ إلى الإهانَة أو الذُلّ بِسبَبِ الأخطاءِ التي نَرتَكِبُهَا، ويَمنَحُ الشعورَ بالراحَةِ والخَلاصْ مِنْ دوامَةِ المشاكِل والصراعَاتِ المُتَكَرِّرَة، بالإضافةِ إلى أنَّهُ يمنَعُ الشعورَ بالغضَبْ والاستِياء والعِدَاءْ، مَعْ مُرورِ الوَقتْ.

إنَّ التعامُلَ مَع الأخطاء بِمرونَة، وعَدَمْ تَوقُّع الكَمال، ومَعرِفَةْ أنّنا مثلُ باقي البَشر نُصيبُ ونُخطِئ، يُتيحُ لنَا الفُرصَةَ لاستيعابِ فِكرَةِ أنَّ الخطَأ لا يعنِي أنَّنَا أصبَحنَا سيئيين، وأنْ لا نقسو عَلَىْ أنفِسِنَا ونصدر الأحكامَ التعسُفيَّة بشأنِها، ونَعلَم يَقينًا بِأنَّ شخصياتِنا ووِجهاتِ نَظرِنَا قابِلَةٌ للتَبَدُّلِ والتغيّر لأسبابٍ كثيرة، كما أنَّهُ يُساعِدُنَا عَلَىْ التعامُلِ مَعَ ثقافَةِ الاعتِذار بشكلٍ مُختَلِف، وتَطويرِ الذات، والاعتِرافُ بالذَنبِ والخَطَأ، وتَحَمُّلِ مَسؤوليَّةِ ما يَصدُرُ عنّا مِنْ أقوالٍ وأفعال، والاعتِذارُ عِنْدَ ارتِكابِ الخَطَأ.   

كيفيَّةُ الاعتِذار بطريقةٍ صحيحة:

يَهدُفُ الاعتِذار إلى المُصالحَة، واستِعادةِ أواصِر المَحَبَّة والثِقَة والاحتِرام والإنسانِيَّة، ومَعْ ذلِكْ، لا بدَّ مِنَ اتِّبَاعِ الطريقَةِ السليمَةِ عِندَ الاعتِذار حتَى يكونَ مِنَ السَهل إصلاح الضَّرَر الواقِع، واستِعادَةِ كرامَةِ واحتِرامِ الطرفِ المَقابِل، إذ تتصاعَدُ الأمُور وتَتَأَزَم في حال تمَّ الاعتِذار بطريقَةٍ خاطِئة، ومِنْ أهمِّ النصائِح التي يُوصى باتباعِهَا عِندَ الاعتِذار:

– تمييزُ الأسبابِ التي تَستدعي الاعتِذار، سواءً عندَ ارتِكاب الأخطَاء، أو في حالةِ إيذاءِ شخصٍ آخر.

– الحِرصُ على عَدَمْ استِخدام الاعتِذار على أنّهُ وسيلةٌ للتهرَّب مِنَ الموقِف والابتِعاد عَنه، أو استغلالِه للضغطِ عَلى الطرَفِ الآخر وإجبارِه عَلى السكوتْ أو الاستِسلام، فالاعتِذار الذي يتخلَّلُه تقديمُ الحُجَجِ وإلقاءِ اللومِ عَلى الطرَفِ الآخر لا يُمكِنُ اعتبارُه اعتذارًا بالأَساس.

– يجِبُ أن يتَضَمَنَ الاعتِذار شعورًا صادِقًا بالندَم واعترافًا بالذَنب، وإحساسًا حقيقيًا بالأسَف عَلى الأَذى الذي حَدَثْ، ولا بدَّ أن يُقَدَّمَ الاعتِذار مَعْ وعُود صادِقَة بالتعلُّمِ مِنَ الأخطَاء، ومَحاولَة التغيير، وتقبُّل العواقِب، والرغبَةِ في التعويضِ عَنْ الضَّرَرْ الذي ترتَّبَ على حُدوثِ الخَطَأ.

– مُحاولَةُ إصلاح الموقِفْ وتدارُكِه إن كان ذلك مُمكنًا، وعَدَمْ التَردَّدْ في اتِّخاذِ الإجراء المناسِب في لحظَتِها، سواءً كان الإجراءُ المُتَّخَذ ملموسًا أو عاطفيًا، فالتعويضُ عَنْ الخَطَأ يُعتبَرُ مِعيارًا حاسمًا يُعَبِّرُ عَنْ صِدقِ الاعتِذارِ الحقيقيّ.

– ضمانُ سلامةِ الطرَفِ الآخَر بعدَ الاعتِذار والإِقرار بالخَطأ، ويحدُث ذلِك بالأخص في حالاتِ الاعتِداءِ الجسدي، والانخِراطِ في العُنفِ المنزِلي، والتنمُّر، وإرسال التهديدات على وسائِل التواصُل الاجتِماعي. 

– السعيُ إلى وضعِ القوانِين والحُدودِ السليمة التي تُنَظِّمُ العلاقَة، ومناقَشَتِها، ومعرِفَة كيفيَّة التعامُل مَعَ الأخطَاء، كذلك كيفيَّة التعامُل عاطِفيًّا وجسديًّا مَعَ الشخصِ الآخر، فالسعيُ إلى إعادةِ توضيحِ الحُدود يُعَدُّ جُزءًا أساسيًّا في الاعتِذار.

– توضيحُ الاعتِذار، وتحديدُ الشيء الذي يتَطلَّبْ الاعتِذار عَنْه، والاعتِراف بتحَمُّلِ كامِل المسؤوليَّة عَنْ الخطَأ الذي صدَرَ عنَّا، وتوضيح أنَّ هذا الاعتِذار يتعلَّقُ بخطأ مُعيَن حتى لا نَجِدَ أنفُسَنا نتَحمَّلُ مسؤوليَّة حُدوثِ أخطاءٍ أخرى، فمِنَ الضروري العدلُ عِند الاعتِذار مع أنفُسِنا أو مَع الأشخاصِ الآخرين.

– عدَم الاعتِذار لمُجرَّد توقّع الحصول على الاعتِذار بالمقابل، إذ أنهُ ليسَ بالضرورة أن يَقابِلك الطَّرَف الآخر بالاعتِذار، بلْ إنَّ مَحاولةَ حصولِك عُلى الاعتِذار بالمقابِل مِنَ الطرَفِ الآخَر قَدْ يُؤدِي إلى حُدوث نتائِج عكسيَّة، فأنْتَ تعتِذِر مِنْ أجلِ نفسِك، حتى تَمضي قُدُمًا فِي حياتِك، وتَترُكَ الصِراعَ خلفَك، وتُسامِح نفسَك عَلى ارتـِكاب الأخطَاء.

– عدَمُ انتظار الحصولِ عَلَىْ المُسامَحة مِنَ الطرفِ الآخر بعدَ تقديمِ الاعتذار، فهذا الأمر يتعلّقُ بِهِمْ، ولا يُمكِنُكَ التحكُّمُ بردودِ فِعلِهم تِجاهَك، حتى ولَوْ أظهرْتَ حُسنَ النِيَّة، فقَد يكونُ الشخصُ الآخر غيرُ مُستَعِد للمُسامَحَةِ والمُضيِّ قُدُمًا.

– اختيارُ الطريقةِ المُناسِبة لتقديمِ الاعتِذار، سواءً كانت وجهًا لوجه، أو الكتَابة، أو مِنْ خِلالِ إرسالِ رسالةٍ عبرَ البريدِ الالكتروني، ولكِن يَجِبُ الأخْذْ فِيْ عَيْنِ الاعتِبار طبيعَةَ الخطَأ الذي يجِبُ الاعتِذارُ عَنْ حُدوثِه، فأحيانًا لا يُناسِبُ الاعتِذار المكتُوب بعضَ الأخطَاء، كمَا يَوصَى بِجعْلِ الاعتِذار بسيطًا ومُباشِرًا ويتَمحوَر حَولَ الطرفِ الآخَر كُليًّا. 

أمثلةٌ على طُرقِ الاعتذارِ السليمة في مواقِفَ مُختلِفَة:

عندما تَرتَكِبُ خطأ في حقِّ الآخر، وتَرغَبُ بالاعتِذارِ عنه، وتَحَمُّلِ مسؤوليَّةِ الخَطَأ، يُنصَحُ بقولِ عباراتِ واضحةٍ ومُباشِرَة، فمثلًا، يُمكِنُكَ استِبدالُ مقولةِ “أنا آسف فِيْ حالِ كانَ حُزنُكَ سبَبُهُ الشيء الذي تفوَّهْتُ به،”بمقولة:”أنا آسف لأنّي قُلتُ كذا وكذا (توضيح الأمر الذي سبَّبَ الأذى)، وأُدرِكُ تمامًا بأنّي قَدْ تسبَّبتُ فِيْ جَرحِ مشاعِرِك، وأتَمَنَّى لَوْ فَكَرْتُ أكثرَ قَبْلَ التفوُّهِ بِهذا الكَلام، أعِدَكَ بِأَن أكونَ أكثر تركيزًا فيِما أقول، وأنْ أُمعِنَ التَفْكِيرَ قَبْلَ فَتحِ فَمِيْ وقَولَ أيِّ شَيءْ”.

ومن الأمثِلَةِ الأُخرَى عَلَىْ الاعتِذارِ بطريقَةٍ صحيحة:

– “أعتذرُ لأنِّي كذَبْتُ فيما يخصُّ بالمبلغ الذي جمعناهُ سويَّةً، لقَدْ خُنتُ ثِقتَك، وما فعلتُهُ كان خاطِئًا، أعِدَكَ بِأنْ نَتَناقَشَ سويَّةً قبل التَصَرُّفِ في المرَّاتِ القادِمَة، هل يمكنني فِعْلُ أيِّ شيءٍ حتى أستعيدَ ثِقتَكَ بِيْ؟”.

– “لا أملِكُ أيَّ عُذرٍ أو مبرِّر لتفويتِ المبارياتِ التي تُشارِكَ فيها، لقَدْ كُنْتُ مُخطِئًا بالفِعِلْ، وأنا آسف لأنِّي أهمَلتُ أمورًا تَهَمُّكَ كثيرًا، ولِذلِكَ، لقَدْ غَيَرْتُ جَدولَ مواعيدي، وسوفَ أسارِعُ إلى حُضورِ مبارياتِكْ”.

– “لقَدْ قُمتُ بخيانَةِ ثِقَتِك، وتَصرَفْتُ بطريقَةٍ انتَهكَتْ رِباطَنَا الوَثِيقْ”.

– “عليَّ الاعتذارُ عَنْ سُلوكي مَعَ عائِلتِك، أنا آسف، لَمْ يَكُن لديَّ الحقُ في بِدءِ جِدَالٍ يُزعِجُ الجَميعَ، سوفَ أتَّصِلُ بِهِمْ وأُقَدِّمُ اعتذاري شخصيًّا”.

– “أنا آسف جدًّا لأنّني قَدْ آذيتُك، ولا يوجَدُ أيُّ مبرِّرٍ لِما فعلت، ولا ألومُكَ عَلَىْ الرغبَةِ في المغادَرَة، ولكِنْ يَجِبُ عليَّ أن أتأكَدَ مِنْ عَدَمِ تِكرارِ ذَلِكَ مَرَّةً أُخرَى، لِذلِكَ حَددَتُ موعدًا للمشاركة في مجموعة للسيطرة علىْ الغضَبْ، وأتفهَّمُ أنَّ عليَّ ترتيبَ ظروفِ معيشتي لِفترَةٍ مِنَ الوَقتْ”.

– “أنا آسف حقًّا، أرى أنَّهُ مُنَ الصعبِ عَليْكَ تصديقي أو إعطائِي الثِقَة، أتمنَّى لَوْ كانَ الأمْرُ مُختَلِفًا، ولكَ الحقُ فِيْ الشُعورِ عَلَىْ هذا النَحوْ”.

 لَنْ يَحدُثَ تَقبُّلٌ لكافَّةِ الاعتِذارات التي نُقَدِّمُهَا، ولا يُمكِنُنَا التَحَكُّمْ بِرُدُودِ فِعْلِ الطرَفِ الآخَرْ، مَهمَا كانَتْ طبيعَتُهَا، حتَى وإنْ كانَ الاعتِذارُ صادِقَ النِيَّةِ وحقيقيًا إلى أبعَدِ دَرجَة، فأحيانًا يَتعيَّنُ عَليْنَا استِيعابُ شِدَةِ الأَلَمْ التي يَشعُرُ بِها الآخرون بِسَبَبِنَا، واحترامِ مشاعِرِهِمْ، وطريقَةِ تَفْكيرِهِمْ التي تَقِفُ عائِقًا أمَامَ قُبولِ اعتذارِنا، ولا بدَّ أنْ نَعِي بِأَنَّ تَقَبُّلَ الاعتِذار لا يعني بالضَرُورَةِ الحُصولَ عَلَىْ مُسامُحَةِ الشَخْصِ الآخَرْ، فأحيانًا يَتَطلَّبُ الأمر إعطائَهُ مَزيدًا مِنَ الوقتِ في التفكيْرِ والتَمَكُّنِ مَنَ المُسامَحَةِ، حتى وإن تَقَبَّلَ الاعتِذارَ الصادِقَ والحقيقيّ الذي نُقدِّمُه، وعَلينا دائِمًا التَحَلِّيْ بالشجاعَةِ، وعدَمِ المُمطالَةِ وتأخيرِ قَوْلِ كَلِمَةِ “آسف” بِكُلِّ صِدْقٍ ونَدَمْ إلى الشخْصِ الذي نُخطِىءُ فِيْ حقِّه، وَينتَظِرُ منَّا اعتِذارًا.

*** تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى.

المراجع:

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *