يعتبر الكافيين جزءًا أساسيًا من اليوم بالنسبة لكثير من الناس، سواء أكانوا يتناولونه طلبًا للطاقة والنشاط أو لكونه أصبح روتينًا وطقسًا يوميًا.. تحصل أجسادهم عليه من مصادر عديدة كالشاي والقهوة ومشروبات الطاقة وبعض المشروبات الغازية وحتى الشوكولاتة.. فهو يعد الأكثر شعبيةً بين المركبات ذات التأثير النفسي على الإنسان، حيث يعمل الكافيين  كمنشط للجهاز العصبي، مما يعني أنه يؤثر على النشاط العصبي في الدماغ ويزيد من اليقظة والنشاط و يقلل التعب.. ورغم إغراء كلمتَي “الطاقة والنشاط” المرتبطتيْن بهذا المركَّب إلا أن له أضرارًا جانبية يصعب تجاهلها، وتجعل من الاستغناء عن الكافيين أمرًا صعبًا لدرجة تصنيفه طبيًا بما يسمى “انسحاب الكافيين Caffeine Withdrawal”.

ما هو “انسحاب الكافيين Caffeine Withdrawal”؟

إذا زاد اعتماد الجسم على الكافيين فإن إزالته من النظام الغذائي يمكن أن تتسبب بأعراض انسحاب تبدأ عادة بعد 12-24 ساعة من التوقف عن تناوله، وقد تستمرحتى مدة أقصاها 9 أيام.. وهذا ما يُعرف بانسحاب الكافيين (Caffeine Withdrawal)، وقد تم تصنيفه كتشخيص طبي معترف به ويمكن أن يؤثر على أي شخص يستهلك الكافيين بانتظام.. لا تعتبر هذه المشكلة مشكلةً خطيرة، ولكنها مزعجة بشكل كبير لمن يعاني منها..

يحدث “انسحاب الكافيين” عندما يتم التوقف عن تناوله بانتظام بعد الاعتياد عليه لفترات طويلة، كتخطي القهوة الصباحية على سبيل المثال.. وتظهر بعض أعراض الانسحاب على معظم الناس الذين يستهلكون المشروبات التي تحتوي على الكافيين، ولكن شدتها تختلف من شخص لآخر لاختلاف أجسادنا واختلاف مدى اعتماد كل فرد منا على الكافيين ومقدار استهلاكه له (ويُقصَد بذلك الاستهلاك المنتظم الذي يؤدي للشعور بالراحة عند تناول الكافيين)، فتتراوح الأعراض بذلك من معتدلة إلى شديدة. 

كيف يؤثر “انسحاب الكافيين” على الجسم؟ وما هي أعراضه الشائعة؟

تتأثر أجسامنا بانقطاع الكافيين عنها، وتظهر آثار هذا الانقطاع جليّةً ببعض الأعراض الجسدية التي تتراوح شدتها من شخص لآخر تبعًا لكمية الاستهلاك اليومي ومدة الاعتماد على الكافيين، وعادةً ما تصل إلى ذروتها بعد يوم أو يومين وتقل خلال 30 إلى 60 دقيقة من استهلاك أي كمية للكافيين.. ومن الجدير بالذكر هنا أنه لا يشترط إصابة الشخص بكل الأعراض معًا، فقد يصاب ببعضها فقط، ولكن معرفته للأعراض بشكل عام ستجهزه لمواجهة ما قد يظهر منها، وتدفعه لإيجاد طرق للتخلص منها وتمكّنه من الصبر عليها لمعرفته بأنها مؤقتة.. ومن هذه الأعراض:

        الصداع

وهو العَرَض الأكثر شيوعًا بين أعراض انسحاب الكافيين ولتفسير سبب حدوثه لا بد أن نعلم أن الكافيين يتسبب في تقلص الأوعية الدموية في الدماغ مما يؤدي إلى إبطاء تدفق الدم، وعند الانقطاع عن التزود بالكافيين ينتهي تأثيره هذا ويبدأ الدم بالتدفق بسرعة أكبر كما كان في السابق، فيتسبب هذا التغيير المفاجئ في تدفق الدم إلى حدوث صداع انسحاب مؤلم يختلف في المدة والشدة من شخص لآخر، ويهدأ هذا الصداع حين يتكيف الدماغ مع الزيادة في تدفق الدم.

        الغثيان والدوار 

ويعتبرالغثيان من الأعراض الشائعة -أيضًا- ، إذ يشعر المرء باضطراب في معدته مع رغبة بالتقيؤ وشعور سيء بالغثيان.. وقدر يترافق ذلك مع شعور بالدوخة (الدوار)، لكن ذلك لا يحدث بالضرورة عند الجميع.

        التعب وأعراض مشابهة للانفلونزا

 ويزداد الشعور به عند الأشخاص الذين يعتمدون على فنجان قهوة كل يوم ليتزودوا بدفعة من الطاقة لبدء مهام يومهم، إذ يساعد الكافيين -من خلاله- على تسريع اليقظة وتخفيض مستويات التعب عن طريق منع عمل مستقبلات الأدينوزين (وهو ناقل عصبي يسبب الشعور بالنعاس)، وهو السبب ذاته الذي أُثبِت كتفسير لاختلاف الأداء الرياضي وتحسنه عند تناول الكافيين.. ولذلك فإن التخلص من الكافيين من النظام الغذائي قد يتسبب بالنعاس والتعب.. وتختلف حدة هذا التعب من شخص لآخر، فالذي يتناول الكافيين يوميًا سيعاني من تعب أشد مما يشعر به من يستهلك الكافيين مرات معدودة في الأسبوع..

        القلق

يزيد الكافيين من معدل ضربات القلب وهرمونات التوتر كالكورتيزول والإبينفرين ويرفع ضغط الدم.. ولذلك فإن له وجهان في علاقته مع القلق والتوتر، فمن جهة يمكن أن يتسبب فنجان واحد من القهوة (مصدر للكافيين) بالشعور بالتوتر والقلق عند الأشخاص الذين يعانون من حساسية من الكافيين، ومن جهة أخرى فإن الإقلاع عنه يمكن أن يسبب هذا التأثير أيضًا.. أما إذا كان أغلب استهلاك الفرد للكافيين مصحوبًا بالسكر (كالمشروبات الغازية أو القهوة المحلاة بالسكر)، فإن الانخفاض المفاجئ في السكر يجعل القلق الناجم عن انسحاب الكافيين أسوأ.

        صعوبة التركيز

تعد الرغبة في رفع مستويات التركيز أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع الناس لتناول الكافيين عن طريق القهوة أو شرب الشاي أو مشروبات الطاقة.. وعادة ما يتم تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين لتساهم في تحسين التركيز قبل الاختبارات أو العروض التقديمية والمواقف الشبيهة التي يصاحبها بعض التوتر، وذلك لأن الكافيين يزيد من مستويات الأدرينالين (وهو هرمون تفرزه الغدد الكظرية كجزء من رد فعل الجسم الطبيعي للتوتر)، كما يرفع من نشاط النواقل العصبية المثيرة للنورادرينالين والدوبامين.. وتؤدي ردود الفعل هذه كلها معًا إلى رفع معدل ضربات القلب ورفع ضغط الدم وتحفيز يقظة الدماغ، لتكون النتيجة تسريع اليقظة وتحسين التركيز.

        المزاج المكتئب وسرعة الانفعال

يشتهر الكافيين بقدرته على تحسين الحالة المزاجية، وذلك بسبب قدرته على إيقاف الأدينوزين (ناقل عصبي يسبب الشعور بالنعاس) مما يؤدي إلى تحسين الحالة المزاجية وزيادة اليقظة ورفع الطاقة، ولذلك فقد أثبتت العديد من الدراسات أن استهلاك الكافيين المنتظم بساهم في انخفاض احتمالية الإصابة بالاكتئاب.. ويتأثر المزاج عند الإقلاع عن الكافيين لأن تأثيرات اليقظة والطاقة تتلاشى بتوقف تناول الكافيين.

        الرعاش

ويعاني من هذا العَرَض أولئك الذين يعتمدون على الكافيين بشكل كبيرٍ جدًا قد يوصف بـ”الخطير”، وذلك لأن الكافيين يعمل على تنبيه الجهاز العصبي المركزي.. يحدث هذا الرعاش عادةً في اليدين ويستمر تأثيره لفترة أقصاها 9 أيام.

كيف نسيطر على أعراض انسحاب الكافيين؟

        التوقف التدريجي:

يسبب التوقف الفجائي عن تناول الكافيين صدمة للجسم، مما يجعل أعراض انسحابه أصعب على الجسم، لذلك يُنصح بتقليل تناول الكافيين تدريجيًا لتقليل الأعراض الجانبية غير المرغوبة، ويُنصَح عادةً بتقليل الكمية كل أسبوعين بمقدار 10%.

        التقليل من المشروبات التي تحتوي على الكافيين:

إذا كان الشخص معتادًا على شرب القهوة التي تحتوي جرعات عالية من الكافيين، فيجب عليه البدء بشرب قهوة منزوعة الكافيين لتقليل اعتماده عليها ببطء.. ولعل الأفضل من ذلك أن يستبدل قهوة بشاي الأعشاب منزوع الكافيين ففائدة الأعشاب كبيرة ولها نكهات غنية متنوعة.

    الحفاظ على شرب الماء وتجنب الجفاف:

يعتبر شرب كمية كافية من الماء أمرًا مهمًا عند التوقف عن استهلاك الكافيين، إذ يمكن أن يؤدي الجفاف إلى تفاقم أعراض الانسحاب، مثل التعب والصداع وغيرها، كما أنه يساعد على تخلص الجسم من الكافيين.

    الحصول على قسط كافٍ من النوم:

وذلك لتقليل مستويات التعب قدر الإمكان، وتكون مدة النوم كافية عند الحصول على 7-9 ساعات من النوم كل ليلة.

    رفع مستويات طاقة الجسم بطرق طبيعية:

بما أن مستويات الطاقة تنخفض بعد الإقلاع عن الكافيين في أغلب الحالات، فيجب محاولة دمج المصادر الطبيعية للطاقة بالروتين اليومي، كممارسة التمارين الرياضية وتناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية وتطبيق تقنيات تقليل التوتر..

 نصائح سهلة التطبيق لتقليل الاعتماد على الكافيين:

  • التزم في البداية بكوب واحد أو اثنين من القهوة في اليوم الواحد مع الإكثار من شرب الماء.
  • ادمج بين المشروبات المحتوية على الكافيين والخالية منه في البداية حتى تتعود على المشروبات الباردة والساخنة الخالية من الكافيين وتستمتع بها.
  • خفف استهلاك الكافيين بشكل تدريجي، من الممكن تقليل كمية الكافية بمقدار ربع كوب كل 3 أيام أو طلب الأحجام الأصغر من متاجر القهوة.

للكافيين نتيجة قصيرة التأثير وإدمان طويل الأمد ما لم يتخذ الإنسان قرارًا قاطعًا بوقفه.. فآثاره المنشطة -التي تدوم في الجسم لحوالي أربع إلى ست ساعات فقط- قد لا تكون كافية في كثير من المرات، مما يؤدي إلى تناول أكواب متعددة من القهوة أو مشروبات الطاقة على مدار اليوم للحفاظ على اليقظة خصوصًا وأن الجسم يتعود على تأثير الكافيين مع الوقت مما يعني حاجته لكميات أكبر منه للحصول على نفس التأثير.. وبتكرار هذا الروتين ينتهي المرء إلى الاعتماد التام على الكافيين والإفراط في تناوله، مما يزيد من سوء وصعوبة أعراض الانسحاب.. لا يعني ذلك أن يعدِل الإنسان عن قرار التوقف عن تناول الكافيين، بل أن يبدأ بتقليل اعتماده عليه ليسهل التخلي عنه فيما بعد..

 *** تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى

المراجع:

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *