العنف المتحيز ضد المرأة

المرأة هي نصفُ المجتمع ومن يتحمّل مسؤوليّة إنجاب النصف الآخر فيه، وهي الأم والمربية والمعلمة والابنة والزوجة والأخت التي تُعطي بلا حدود، قد كرّمها الله وحدّد حقوقها وواجباتها، فكيف يجرؤ البعض على ممارسة أشكال العنف ضدّ المرأة؟! وما هو العنف القائم على أساس نوع الجنس؟ وما هي آثار هذا العنف؟ وكيف يؤثر على الحياة والمجتمع؟ كل هذا وأكثر سنتعرف عليه في بنود ومحاور هذا المقال.

ما هو العنف ضدّ المرأة؟

يعبّر العنف ضدّ المرأة عن الممارسات المؤذية والمسيئة الموجّهة للأفراد اعتمادًا على اختلاف الجنس، ويعدّ العنف ضدّ المرأة من المشكلات الشائعة والمنتشرة في كثيرٍ من بلدان العالم رغم عدم وضوحها وظهورها للعلن، إذ غالبًا ما يحدث العنف ضدّ المرأة في المنزل أو في أماكن أخرى فيكون مخفيًّا عن الأنظار، وقد يساء فهمه أو حتى يتم التغاضي عنه بسبب الأعراف المجتمعيّة، وينحصر تأثير العنف ضدّ المرأة على حياة الضحايا وأسرهم ومجتمعاتهم، وغالبًا ما يتسبّب في حدوث معاناة هائلة للضحايا، سواءً كانت معاناة جسديّة أو عقليّة أو غير ذلك، ويحدث هذا التعنيف على الرغم من اختلاف العرق أو الدين أو الدخل.

وتشيرُ التقديرات إلى أن امرأة واحدة بين كل ثلاثة نساء من جميع أنحاء العالم سوف تتعرض لشكل من أشكال العنف القائم على الجنس أو النوع الاجتماعي (Gender Based Violence- GBV) طوال حياتها، مما يهدّد نوعية الحياة ورفاهيّتها بشكلٍ عام.

ما العوامل التي قد تسهم في تفاقم العنف ضدّ المرأة؟ 

يعود السّبب في إثارة العنف ضدّ المرأة إلى فكرة عدم المساواة بين الجنسين، وإساءة استخدام السلطة، واختلال توازن القوى، والاعتماد على العادات والأعراف المؤذية، ومن أهمّ العوامل التي قد تؤثر على زيادة العنف القائم على النوع الاجتماعيّ:

– العقبات الاقتصاديّة.

– صعوبة التنقل والوصول إلى الخدمات الصحيّة.

– العزلة الاجتماعيّة.

– العلاقات المبنيّة على الاستغلال. 

ما هي أشكال العنف ضدّ المرأة؟

يظهر العنف ضدّ المرأة بعِدّة أشكال:

  • العنف الجنسيّ.
  • العنف الجسدي.
  • الأذى النفسي.
  • الأذى الاقتصادي.
  • التهديد بالعنف.
  • الإكراه.
  • التلاعب.
  • ختان الإناث.
  • جرائم الشرف.
  • عنف الزوج.

كيف نمنع العنف ضدّ المرأة؟ 

ثمّة مجموعة من الاستراتيجيّات والنصائح التي قد تساعد على منع العنف ضدّ المرأة:

– رفع مستوى الوعي بين أفراد المجتمع، فلا يمكن منع حدوث العنف الجنسيّ أو الجسميّ إلا من خلال زيادة الوعي ومحاولة تعديل السلوك الموجّه للمرأة، ومعالجة عدم المساواة بين الجنسين والتمييز ضد المرأة، والتخلّص من قضيّة الوصمة التي غالبًا ما ترتبط بحدوث الاعتداء الجنسيّ.

– خلق مساحة آمنة للناجين من الاعتداء أو التعنيف، ومحاولة مساعدتهم على مشاركة مشاعرهم وخبراتهم والأحداث المؤلمة التي مرّوا بها للتعافي، والتمكّن من إعداد الناجين وتهيئتهم للتعامل مع تحديات الحياة الواقعية، وإعادة دمجهم في المجتمع للعيش بسلام، وتوفير الأدوات اللازمة التي تساعدهم على التعافي من الصدمات، كما يمكن للناجين أيضًا طلب المساعدة القانونية والدعم النفسي الاجتماعي، والاهتمام بالتمكين الاقتصادي للمرأة من خلال تقديم المنح الصغيرة والمهارات المهنيّة، والتدريب على ريادة الأعمال والتعليم.

– زيادة الوعي في جانب الصحة الجنسيّة والإنجابيّة وتعليم المرأة حقوقها وتقديم الدعم اللازم لها، ويُمكن ذلك من خلال إنشاء جلسات حوار حول الصحة الجنسية والإنجابية في المدارس مع الطلاب وأولياء أمورهم، فإن خلق وعي مجتمعيّ بالصحة الجنسية وتعليم الحقوق قد يساهم في  الحد من العنف على المدى الطويل.

– إشراك الرجال في نشاطات تساهم في بناء أفكار العدالة بين الجنسين وأهمية تقديم الدعم، بهدف تحدي الآراء والصور النمطيّة، إذ يمكن للرجال والأولاد التحدث واكتساب المعرفة حول العدالة بين الجنسين وفهمها واستيعابها من منطلق وأساس سليم وواضح.

– مساعدة الرجال على التحدث عن الرجولة بصدق، ومساعدته على تكوين مفهوم صحيح حول معنى أن تكون رجلًا وكيف يجب أن يتصرف الرجل فعلًا، وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الصلابة والهيمنة، والعمل على تحدّي مثل هذه الأفكار الضارّة من خلال دعمهم لسرد قصصهم وتجاربهم والتحدث بصوتٍ عالٍ عن معاناتهم وعيوبهم، والهدف من ذلك هو مساعدة الرجال على الانفتاح والتعبير عن مشاعرهم وإنشاء قصصهم الخاصة تجاه الرجولة الصحية والعلاقات مع النساء والعائلات، وهذا ما قد يترتّب عليه بالفعل تغيّر طريقة تعاملهم مع المرأة وتقليل العنف ضدّها.

– الاهتمام بتعليم الناجيات ممّا يوسّع فرصهم الاجتماعية والاقتصادية، وتمكّنهنّ من بدء أعمال تجارية صغيرة.

ما هو دور الحكومات في التعامل مع العنف ضدّ المرأة؟

قد تساهم الحكومات في التصدّي للعنف ضدّ المرأة باتباع مجموعة من الإجراءات: 

– ضمان تقديم الخدمات داخل المنظومة الصحيّة في حالات العنف ضدّ المرأة، واعتبارها من الخدمات الضروريّة.

– تدريب موظفي الرعاية الصحية على تحديد حالات العنف ضدّ المرأة والتعرّف إليها، والتعامل مع الحالات التي تُفصح عن تعرّضها للتعنيف بشكل مناسب، وإحالة المرضى للحصول على خدمات إضافية. 

– تضمين رسائل التوعية بشأن العنف ضدّ المرأة في التوعية الصحيّة المجتمعيّة. 

– تدريب العاملين في المنظومة الصحيّة على كيفيّة تحديد مشكلات العنف ضدّ المرأة، ومعالجتها وتقديم المساعدة للناجيات. 

– أثناء التعافي، يمكن للحكومات أيضًا بناء قدرة الأسر الضعيفة على الصمود من خلال تقديم المنح أو الإسكان أو النقد أو قسائم الطعام لتقليل الضغوطات الاقتصادية، إذ يمكنهم البدء في إعداد الأسر للاستقرار الاقتصادي المستدام، فالضغوطات المالية والبطالة والعيش في الأحياء المحرومة اقتصاديًا قد تؤثر على معدلات العنف ضدّ المرأة من قبل الزوج، وهذه الجهود يمكن أن تزيد أيضًا من سيطرة المرأة على الموارد الاقتصاديّة.

ما هي أضرار العنف ضدّ المرأة؟

يعدّ العنف ضدّ المرأة من المشكلات الشائعة في المجتمعات والتي قد يترتّب عليها:

  • الحمل غير المرغوب فيه في حالات الاعتداء الجنسيّ.
  • الإصابة بفيروس عوز المناعة البشري (HIV) وغيره من الأمراض المنقولة جنسيًّا والصدمات الجسدية وحتى الموت. 
  • الشعور بالخزي والذنب والاكتئاب والعزلة.
  • المعاناة من اضطراب ما بعد الصدمة.
  • ظهور مشكلات القلق واضطرابات الأكل.
  • الميل للانتحار أو تعاطي المخدّرات.
  • حدوث بعض المشكلات الصحيّة الجسديّة، مثل: متلازمات الألم المزمن، واضطرابات الجهاز الهضمي، والألم العضلي الليفي، والمعاناة من اضطرابات النسائية.
  • تخلي الآخرين عنهنّ، وتعرّضهنّ لإساءة المعاملة من قبل أفراد الأسرة.
  • عدم توفر خدمات خاصّة ورحيمة بالناجيات.
  • مواجهة الناجيات حواجز متعددة تقف في طريق تلقّيهنّ الدعم، بما في ذلك الخوف من الجناة، والوصمة الاجتماعيّة، والتعرّض للقوانين والسياسات التمييزيّة.

ويمكن أن تستمر أضرار العنف القائم على نوع الجنس على الناجيات حتى بعد فترة طويلة من خروج الجاني من حياتهنّ.

قد يتمثّل العنف القائم على نوع الجنس بممارسة العنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي أو الاقتصادي الذي يؤثر كثيرًا في المرأة ويعرّضها للخطر، ويعدّ العنف ضدّ المرأة من المشكلات الشائعة في جميع أنحاء العالم والتي تعتبر انتهاكًا لحقوق الإنسان، لذلك من الضروريّ السعي لمحاربة هذا النوع من الإساءة، وتحقيق العدالة بين الجنسين، وإيجاد التعاون الفعّال بين الرجال والنساء، وفهم أن للمرأة حقوق وواجبات، الأمر الذي يساهم في تقدم المجتمعات وتماسكها، وصناعة مجتمعات قوية وقادرة على التغيير والتطوير.

*** تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى  

المراجع: 

Facebook
Twitter
LinkedIn
Email

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *